خصصت الصحافة الأوروبية الصادرة اليوم الخميس حيزا هامة للعمل العسكري المرتقب ضد النظام السوري، إلى جانب مواضيع أخرى راهنة. ففي بلجيكا، كتبت صحيفة (لاليبغ بلجيك) أن عدم توافق الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على مشروع القرار البريطاني للتدخل في سوريا لحماية المدنيين يمثل شرخا بين الصين وروسيان من جهة، والمملكة المتحدةوفرنساوالولاياتالمتحدة، من جهة أخرى، بما يعكس مواقف كل طرف من هذا النزاع الذي خلف أزيد من 100 ألف قتيل ودفع ملايين السوريين للفرار. أما (لوسوار) فشددت على وجاهة المرور عبر القنوات الدبلوماسية، بفعل تردد بعض حلفاء الولاياتالمتحدة في دعم اللجوء للقوة أو المشاركة فيه، مادامت أحداث 21 غشت لم تتضح بعد ولم تتبين بعد مشروعية التدخل العسكري. على المستوى المحلي البلجيكي، تطرقت (لافونير) إلى مواقف نقابيين من بعض الأجور الضخمة ، مبرزة أن الاعتدال ينبغي أن يفرض نفسه على كبار المسيرين، خاصة في وقت يتم فيه التوجه بشتى الوسائل نحو تجميد أجور العاملين. ومن جانب الحكومة، تناقلت صحيفة (لاديغنييغ أوغ) تصريحات نائب رئيس الوزراء ديديي ريندرز الرافض أن يكسب كبار رؤساء القطاع العمومي أزيد من 290 ألف أورو، قائلة "عندما نقلص المصاريف في جميع الاتجاهات، فمن المعقول أن يبذل الكل مجهودا في هذا الشأن". وفي فرنسا، كتبت صحيفة (ليبراسيون) بخصوص الملف السوري، أنه بالرغم من أن الأممالمتحدة تظل مكتوفة الأيدي، فإنه يبدو أن الغرب يؤيد خيار هجوم صاروخي يستهدف رموز النظام السوري، مشيرة الى أن واشنطن وباريس ولندن قرروا معاقبة دمشق على استعمالها المفترض للسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي قوله إنه يتعين التخطيط لتدخل محتمل ضمن تحالف وتحديد الأهداف التي يتعين ضربها، متسائلة عما إذا كان يتعين استهداف مراكز انتاج الاسلحة الكيماوية، مع ما قد ينتج عن ذلك من كارثة بيئية، أو قصف أنظمة إطلاق الصواريخ. من جهتها، اعتبرت صحيفة (لاكروا) أن الحرب في سوريا ستتخذ في الأيام المقبلة أبعادا جديدة، مشيرة الى أن عددا من الدول الغربية، ومن بينها فرنسا، عازمة على تنفيذ ضربة عسكرية ضد نظام بشار الأسد المتهم باستعمال السلاح الكيماوي في 21 غشت الجاري بريف دمشق. أما صحيفة (لوفيغارو) فذكرت أن أوباما وكامرون وهولاند مستعدون لمعاقبة بشار الأسد، متسائلة بشأن وقت تنفيذ الهجوم بعد سنة ونصف من الحرب الأهلية التي أودت بحياة أزيد من 120 ألف سوري. وفي إسبانيا، كتبت صحيفة (أ بي سي)، تحت عنوان "الولاياتالمتحدة تريد معاقبة الأسد دون قلب نظامه"، أن الأممالمتحدة طلبت أربعة أيام إضافية للتحقق من استخدام أسلحة كيماوية ضد السكان في سوريا. وأشارت اليومية الإسبانية إلى أن "واشنطن لن تذهب إلى حد تدمير سلاح الجو السوري، حتى لا تمنح الامتياز لتنظيم القاعدة". من جهتها، قالت صحيفة (إلموندو)إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما "سيتجاهل الأممالمتحدة وسيشن هجوما عسكريا بحسب جدول أعماله" على سوريا. وأضافت اليومية أنه دقائق بعد تكريم مارتن لوثر كينغ، الذي كان يدعو للسلم والسلام، دافع الرئيس الأمريكي عن الهجوم على سوريا ك"إشارة قوية لنظام الأسد حتى لا يعاود اللجوء مرة أخرى لاستخدام الأسلحة الكيماوية". وخلصت (إلموندو) إلى أن الولاياتالمتحدة مستعدة للتدخل عسكريا في سوريا دون الحصول على موافقة من الأممالمتحدة، بعد معارضة كل من روسيا والصين للقرار المقدم لمجلس الأمن. أما صحيفة (إلبايس) فأوضحت أن "الولاياتالمتحدة وبريطانيا استنفذتا جميع السبل القانونية لمهاجمة سوريا"، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي توجهت فيه لندن إلى الأممالمتحدة مطالبة بمزيد من الوقت لمفتشيها، قال أوباما إنه مستعد لتقديم أدلة على استعمال دمشق لأسلحة كيماوية. وبدورها ذكرت يومية (لاراثون) أن الحلفاء ينتظرون تقرير بعثة الأممالمتحدة لتنفيذ الهجوم على سورية، مشيرة إلى أن الغرب "سيمنح مزيدا من الوقت لمفتشي الأممالمتحدة قبل التدخل" في هذا البلد. وفي بريطانيا، أكدت يومية (الغارديان) أن العمل العسكري ضد نظام الأسد قوضته التباينات السياسية بين الحكومة البريطانية، التي يقودها المحافظون، والمعارضة العمالية التي ترغب في تفادي تكرار أخطاء حرب العراق، مما دفع رئيس الوزراء دافيد كامرون لمراجعة استراتيجيته ووعد بعدم القيام بأي عمل عسكري إلا بعد تقديم تقرير الخبراء الأمميين الذين يقومون بتحقيق ميداني في الهجوم الكيميائي المفترض. وأبرزت (الإندبندنت) أن "كامرون اضطر للتراجع نحو الوراء بشأن القضية السورية" أمام رفض المعارضة العمالية، مستعرضة الحجج التي قدمتها هذه الأخيرة، التي ذكرت بدعوة بان كي ون لإمهال المفتشين الأمميين الوقت لإنهاء مهمتهم، لكبح أي محاولة عشوائية لتوريط البلاد في حرب جديدة بالشرق الأوسط. وأجمعت عدد من الصحف، منها (ديلي تلغراف) و(تايمز) و(دايلي ميرور) بنفس النبرة على انتقاد اندفاع الحكومة لتقديم أجوبة متسرعة لأزمة السورية، مشيرة إلى أن الضغط القوي الذي مارسه القادة العماليون دفع رئيس الوزراء نحو تأجيل التصويت النهائي للبرلمان على العمل العسكري إلى حين انتهاء مهمة المفتشين الأمميين. وفي ألمانيا، اعتبرت صحيفة (نوردفيست تسايتونغ) أن العمل العسكري المحتمل ضد النظام السوري وضع المنطقة برمتها في حالة من الذعر، مشيرة إلى أن الآلاف من السوريين يفرون من تهديد الغارات الجوية وأن إسرائيل تعيش حالة تأهب قصوى وتوزع الأقنعة الوقائية من الغاز خوفا من هجمات انتقامية من إيران، متسائلة في نفس الوقت عما إذا كان هناك حل لجميع هذه المشاكل. أما صحيفة (دي فيلت) فاعتبرت أنه "من وجهة نظر عسكرية، ما قد تقوم به حكومة الولاياتالمتحدة حاليا قد يؤدي إلى نتائج عكسية لأن واحدة من أهم عناصر الحرب هي المفاجأة" لكن "الأسد سيدفع حتما ثمن استخدام الأسلحة الكيماوية". ومن جهتها، ترى (شتوتغارت تسايتونغ) أنه "حتى ألمانيا ستكون في حالة حرب، سواء كانت تريد ذلك أم لا، لأن على الحدود السورية التركية توجد آليات باتريوت ألمانية التي وضعت للحماية ضد صواريخ الأسد"، مضيفة أن استخدام هذه الآليات سيتم في الوقت المناسب، وسوف يطلب من برلين المزيد من الدعم اللوجستيكي والمساعدات الطبية على سبيل المثال. وفي الشأن المحلي، اعتبرت صحيفة (فرانكفورتر روندشاو)، بخصوص تقرير لجنة الخبراء لمراجعة القوانين الألمانية الأمنية التي تم إقرارها منذ هجمات 11 شتنبر 2001، أن "الفكرة كانت جيدة بعد الهجمات، وجميع قوانين السلامة بألمانيا وضعت على المحك"، متسائلة عن النتائج المستخلصة من التقرير التي يمكن اعتمادها في رسم السياسات الأمنية والتي تعكس وجهات نظر مختلفة من وزارتي الداخلية والعدل في مختلف النقاط المهمة. أما صحيفة (زود دويتشه) فكتبت أن " ألمانيا تطور باستمرار من قوانينها الوقائية بالتأكيد، وهناك تقدم واضح، لأن الأجهزة الأمنية هي اليوم أكثر كفاءة مما كانت عليه قبل 12 سنة. لكن الوضع الأمني وصل إلى نقطة خطيرة، ويتطلب من السلطات تعزيز الرقابة الفعالة". وفي تركيا، اعتبرت (تودييز زمان) أن التدخل العسكري الغربي المرتقب في سوريا يحمل في طياته تهديدات مقلقة لتركيا، البلد المجاور لسوريا الذي تتقاسم معه 900 كلم من الحدود، مشيرة إلى أن العديد من الخبراء حذروا من هذه الضربة التي ستشكل تركيا بالتأكيد جزءا منها، مما يجعلها هدفا مباشرا للنظام السوري وحلفائه إيرانوروسيا وحزب الله اللبناني. وأوردت (طاراف) في نفس الاتجاه أن أي تدخل عسكري للتحالف الدولي في سوريا قد يجعل تركيا والأردن وإسرائيل أهدافا لهجمات إرهابية قادمة من سوريا، في حين كتبت (هاريت ديلي نيوز) أن حلف الشمال الأطلسي ملتزم بدعم تركيا ضد أي تهديد كيميائي مصدره الجارة سوريا.