يكاد يجمع متتبعو الشأن المحلي بالجماعة الترابية سبت أولاد النمة التابعة لإقليم الفقيه بن صالح على أن المشهد التنموي بهذه الجماعة لم يتغير كثيرا خلال الولاية السابقة، حيث انصب اهتمام المجلس الجماعي منذ البدء على مشكل الربط بالماء الشروب والكهرباء، لإعادة "الاستقرار" إلى المدينة التي كانت قد تحولت إلى بؤرة للاحتجاجات؛ وهو ما حال دون تحقق التنمية التي تنشدها الساكنة. وحسب تصريحات متطابقة لمواطنين من سكان الجماعة الترابية سبت أولاد النمة، فإن هذه الجماعة، التي تحتضن أزيد من 60 ألف نسمة والتي تقع في منطقة إستراتيجية جعلت منها محورا اقتصادا لكل الجماعات القروية المجاورة، لم تنل حظها من التنمية جراء ما تعيشه من إكراهات تنموية "عميقة"؛ من قبيل النقص الحاصل في الكهرباء والماء الشروب، وضعف البنيات التحتية خاصة على مستوى الشوارع والأزقة، وغياب ملاعب القرب، وهشاشة مرافق الرياضة والصحة. يوسف النصيري، ناشط جمعوي بالمدينة، قال إن "المجلس الجماعي لسبت أولاد النمة بذل مجهودات كبيرة لا يمكن تبخيسها؛ لكنها تبقى دون تطلعات الساكنة، خاصة ما تحقق على مستوى البنيات التحتية". وأضاف النصيري، في تصريح لهسبريس، أن "فعاليات المجتمع المدني انخرطت في تشخيص إشكالات التنمية بالمدينة لإعداد برنامج عمل الجماعة؛ لكن السؤال هو: ما الذي تحقق في ظل هذا الوضع الذي ينطق بتجليات الهشاشة". وشدد الناشط الجمعوي بسوق السبت أولاد النمة على أن "التنمية بالمدينة ما زالت متعثرة"، لافتا في هذا الصدد إلى أن "تجليات الهشاشة ورداءة البنيات التحتية وعدم تنزيل أبرز نقط برنامج عمل الجماعة وغياب رؤية واضحة في التعامل مع القضايا المطروحة، خاصة القطاعين البيئي والرياضي، تبقى من أبرز السمات العامة لهذه الجماعة الترابية". وقال المتحدث ذاته إن "الساكنة تتطلع إلى تحقيق تنمية شمولية بعد هذه السنوات العجاف"، موضحا أن "المجلس الجماعي لم يستغل بالشكل الكافي موقع الجماعة ومؤهلاتها الاقتصادية ومواردها البشرية في وضعه للمخطط التنموي للمدينة"، منتهيا بالقول إن "الجماعة في ظل هذا الوضع تحولت إلى دوار قروي كبير بقبعة البداوة والهشاشة". ومن بين مطالب الساكنة، يروي يوسف النصيري، المطرح العشوائي للجماعة الذي بات يؤرق مختلف الفعاليات البيئية بالمدينة إلى جانب السلطات والمجلس الجماعي، جراء ما يسببه من أضرار صحية ناتجة عن انبعاث الروائح الكريهة، لافتا انتباه الجهات المختصة إلى أن الساكنة المجاورة من المطرح العشوائي تزداد معاناتها مع انبعاث الروائح الكريهة خاصة والغازات السامة والأدخنة الناتجة عن عمليات الحرق المتكررة في ظروف غامضة، داعيا التنظيمات السياسية التي ستكون المجلس الجماعي المرتقب إلى وضع هذا المطرح ضمن أولوياتها. ومن جهته، قال أمين الحلو، ناشط جمعوي وسياسي، إن سياسة المجلس الجماعي اتسمت بنوع من الارتجالية والانفراد في تدبير الشأن المحلي بعيدا عن مبدأ التشاركية؛ وهو ما فوت على الجماعة الترابية فرصة تنموية حقيقية، خاصة على مستوى مشروع التبليط الذي ترافعت عليه الجمعيات المدنية لدى المجلس الإقليمي إلا أنه لم ير النور إلى حد الساعة. وأشار الحلو، في تصريح لهسبريس، إلى أن "عجلة التنمية بالجماعة اتسمت بالفتور، إذ لم يتم إخراج أي مشروع تنموي إلى الوجود؛ باستثناء مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أتت في سياق وطني عام، هذا في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن الربط بالماء الشروب والكهرباء كمشروع تنموي، في الوقت الذي نعتبره نحن كمجتمع مدني حقا من حقوق المواطنين التي يخولها الدستور". وأضاف الناشط الجمعوي والسياسي ذاته أن شباب سبت أولاد النمة يطالبون بربط المسؤولية بالمحاسبة، وبالحق في الشغل والصحة وتعليم عمومي، وبالحق في البيئة السليمة، وبتوفير حدائق عمومية في المستوى، وبتقوية شبكة الإنارة العمومية، وبتعميم الاستفادة من الماء والكهرباء، وعموما ببنية تحتية تحترم المعايير المعمول بها وطنيا. وطالب أمين الحلو السلطات المعنية بالتصدي لكل الخروقات التي يمكن أن يفتعلها المجلس الحالي، واحترام الكرامة والعدالة الاجتماعية، وتخليق العمل بالمرافق الإدارية وتقديم مساعدات دورية للأشخاص في وضعية إعاقة، مع حماية ممتلكات الجماعة الترابية ووعائها العقاري من لوبيات العقار. وعزا كل من يوسف النصيري وأمين الحلو الأزمة التنموية بجماعة سبت أولاد النمة إلى التدبير العشوائي وضعف التأطير والتكوين، وإلى عدم الأخذ بمقترحات بعض الهيئات السياسية الممثلة في المجلس الجماعي، وكذا إلى برنامج عمل الجماعة الذي كان من بدايته ضعيفا ولم يشخص بشكل دقيق الإشكالات التنموية المطروحة ومعيقات التنمية بالمدينة. وقال الناشطان المدنيان إن الساكنة تراهن اليوم على المجلس الجماعي المرتقب توليه شؤون الجماعة بالتشكيلة الحالية التي تضمنت تنظيمات سياسية جديدة ووجوها شابة كان لها صدى على مستوى الشارع، مؤكدين أن واقع الحال يتطلب التصدي لكل من يقف حجرة عثرة أمام رهانات المجتمع المدني والساكنة المحلية. وبخصوص رهانات المجلس المرتقب، قال ربيع مجيد، الفائز في انتخابات 8 شتنبر باسم حزب التقدم والاشتراكية، إن قرار الالتحاق بالأغلبية نابع من احترامه لإرادة الناخبين التي أفرزت التشكيلة الجديدة ورغبة منه في تطوير أداء المجلس والنضال من داخل المؤسسات عوض الشارع. وعبر ربيع مجيد عن أمله أن تتحقق طفرة تنموية بالجماعة الترابية سبت أولاد النمة التابعة لإقليم الفقيه بن صالح، لمعالجة الخصاص الكبير على مستوى البنيات التحتية وخلق مشاريع استثمارية لإنعاش سوق الشغل. ومن جانبه، كشف عبد النبي الكريني، الفائز في انتخابات 8 شتنبر باسم الحزب المغربي الحر، أن من ضمن أولويات برنامج حزب "الأسد" إنشاء ملاعب للقرب وإخراج القاعة المغطاة إلى حيز الوجود والرفع من حجم الدعم الموجه إلى الجمعيات المدنية والعمل على إيجاد حلول بديلة ودائمة لفائدة الباعة الجائلين، مع تنظيم المطرح العمومي للنفايات وحماية الساكنة من الأضرار الصحية والبيئية الناتجة عنه. وفي معرض تعليقه، أقر مستشار سابق، في تصريح بهسبريس، بأن برنامج عمل الجماعة الترابية '"كان صعب التنفيذ لاعتبارات متعددة"، وأن أعضاء المجلس الجماعي وجدوا أنفسهم أمام إكراهين كبيرين؛ الأول يتعلق بدين الجماعة الثقيل، والثاني يخص مطلب الماء والكهرباء الذي كان وراء شرارة الاحتجاجات المتواصلة؛ ما جعل الاهتمام ينصب على إعطاء الأولوية لهذه المطالب ذات الأولوية، خاصة منها الربط بالماء والكهرباء. وأضاف المستشار الجماعي السابق أن مجلس سوق السبت أولاد النمة ترافع جهويا ومركزيا من أجل تحقيق انتظارات الساكنة؛ إلا أنه، بحكم بعض الحسابات السياسية، استحال عليه الاستفادة من مشاريع المجلسين الجهوي والإقليمي، خاصة في السنوات الأولى من الولاية الانتخابية المنتهية؛ ما جعل المجلس الجماعي لهذه المدينة يكتفي بمعالجة بعض المطالب الاجتماعية وبتنفيذ بعض المشاريع المتعلقة بالماء والكهرباء؛ فيما قامت مصالح عمومية أخرى بمشاريع أخرى، خاصة منها مشاريع التنمية البشرية.