مطالب ثقافية متنامية من أجل النهوض بالوضعية التراثية في جهة الدارالبيضاء-سطات، اعتبارا لتصاعد مسلسل هدم المباني التاريخية العتيقة المشيدة من لدن فعاليات هندسية عالمية، خاصة تلك التي بُنيت في عهد الحماية الفرنسية بالمغرب. وبالإضافة إلى مواقع التراث المُهدمة في السنوات الأخيرة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، هناك دعوات ثقافية لاعتماد مشروع إحياء عمراني ل"المدينة التاريخية" التي تفوح بعبق الحضارة التليدة، مشيرة إلى أهمية عمليات إعادة البناء في الحفاظ على المآثر المبنية على الطرازات المغربية والأوروبية العتيقة. ونبه النشطاء أعينهم، ضمن منشورات متنوعة على الصفحات المهتمة بالتاريخ الثقافي للدار البيضاء بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى طول أمد المشاريع الموجهة لإعادة تأهيل مجموعة من المواقع الأثرية؛ لعل أبرزها "قبة زيفاكو" التي ما زالت صامدة بوجه الزمن. وحول ذلك، قال حسن لعروس، باحث في تاريخ مدينة الدارالبيضاء، إن "فرنسا تركت إرثا عمرانيا تاريخيا بالعاصمة الاقتصادية للبلاد، خاصة بالمدينة العتيقة؛ لكن غابت السياسات الثقافية المطلوبة من أجل الحفاظ على تلك المباني الموغلة في القدم". وأضاف لعروس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المدينة فقدت الكثير من المعالم الأثرية؛ بينها المسبح البلدي، وإعدادية مولاي يوسف، والمسرح البلدي، وتمثال الصداقة المغربية-الفرنسية، وغيرها من المعالم، لكن الجريمة الأكبر هي هدم فندق آنفا الذي احتضن اجتماع الدول المتحالفة في الحرب العالمية الثانية". وأوضح مؤلف كتاب "المدينة القديمة بالدارالبيضاء.. ذاكرة وتراث" أن "فندق آنفا كان شاهدا على التطورات الحربية التي شهدتها المرحلة الثانية من الحرب العالمية الثانية، حيث تقرر الخروج بقرارات مصيرية ضد النازية؛ بل إن المغرب شارك بقرابة 85 ألف جندي في تلك الحرب". فيما لفتت كوثر كنون، إطار بالمحافظة الجهوية للتراث الثقافي بجهة الدارالبيضاء-سطات، إلى أن "المحافظة تشرف على مجموعة من مشاريع تأهيل التراث بالجهة؛ ضمنها ترميم قصبة بولعوان، وإحداث المنتزه الأثري سيدي عبد الرحمان الدارالبيضاء، وترميم القلعة البرتغالية بالجديدة". وأضافت كنون، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المحافظة تشرف كذلك على ترميم وصيانة المسقاة البرتغالية بالجديدة، كما قامت بإحداث مركز تفسير التراث بالمدينة العتيقة (المدرسة العبدلاوية سابقا)". وأكدت المسؤولة عينها أنه "يتم عقد مجموعة من الاجتماعات الدورية بخصوص تثمين وإعادة تأهيل البنايات ذات القيمة التراثية والتاريخية مع جماعة الدارالبيضاء ومختلف القطاعات الفاعلة، فضلا عن عقد لجان التراث بمقر ولاية جهة الدارالبيضاء -سطات لدراسة ملفات طلبات الهدم". وبخصوص مشاريع التهيئة والترميم، أوضحت المتحدثة أنها "تتم بشراكة مع قطاعات أخرى؛ بينها الوكالة الحضرية، جماعة الدارالبيضاء، وزارة الأوقاف، ووزارة السياحة، حيث تُناقش تصاميم التهيئة بحضور جميع القطاعات المعنية بمقر العمالات". وتابعت كنون أن "المحافظة تتكلف بإبداء الرأي حول صيانة وترميم المباني المقيدة تبعا للقانون 22.80، والتتبع التقني ومراقبة أوراش الترميم وإعادة التأهيل، ودراسة الملفات، والمشاركة في لجان التقييد والترتيب التي تهم تقييد تراث جهة الدارالبيضاء- سطات ضمن لائحة التراث الوطني". وأشارت المسؤولة سالفة الذكر إلى أن "المحافظة تناط بها مهام أخرى؛ من قبيل إبداء الرأي بخصوص مشاريع إصدار وثائق التعمير، والإجابة عن طلبات القيام بأنشطة على مستوى البنايات والمواقع المقيدة تراثا وطنيا، والتوعية والتحسيس بأهمية التراث الثقافي للجهة للعموم، وغيرها من المهام".