في الصورة الشرطي المقال يجلس بين الاميرة ماكسيما واندريه روفوت وزير الاسرة "" أقالت مصلحة الشرطة في مدينة روتردام الهولندية شرطيا من أصل مغربي بتهمة التجسس لصالح المخابرات المغربية. هذا ما كشف عنه تقرير إخباري تلفزي أعدته محطة تلفزيون نوفا أذيع أمس. وانكشفت معالم هذه القضية بعد أن حصل جهاز المخابرات والأمن العام الهولندي على معلومات بشأن الشرطي المذكور، وقام بدوره بتبليغها لمصالح الشرطة في روتردام. وبعد إجراء بحث داخلي أقيل المتهم لتقصيره البالغ في أداء الواجب. في حين لم تر النيابة العامة داع لمتابعة المتهم قضائيا. هذا، ولم يشر البرنامج إلى تاريخ الكشف عن العملية ولا متى أقيل المتهم الذي قضى في الخدمة 19 سنة. وكان مغربي آخر يعمل مترجما لدى جهاز المخابرات الهزلندية فد أدين في السابق بتهمة تسريب معلومات مهمة إلى السلطات المغربية. قبل السقوط ترقى المتهم (ر.ل.) في سلم وظيفة الشرطة حتى أصبح من الوجوه البارزة المعبرة عن نجاح اندماج المغاربة في المجتمع الهولندي. وكانت له أنشطة ثقافية واجتماعية ترمي إلى إعادة تأهيل الشباب من أصول مغربية في ميادين الدراسة والعمل. وقد حظي "مشروع ماكسيما" الذي كان يشرف عليه (ر.ل) بقدر واسع من الاهتمام، وحضرت الأميرة ماكسيما، زوجة ولي العهد الهولندي، شخصيا في فبراير من هذه السنة حفل تسليم الشهادات ل 57 من الشباب المشارك في المشروع. وتظهر صور الحفل (ر.ل)جالسا بجانب الأميرة ومعه أيضا وزير الأسرة والشباب راوفوت الذي أثنى كثيرا على المشروع وصاحبه. وتجدر الإشارة أن عدد من المغاربة، رغم قلتهم، تمكن مع مرور الزمن من بلوغ وظائف حساسة في دواليب الدولة الهولندية، بل مناصب سياسية كبيرة. وغالبا ما يشار إلى هؤلاء "الناجحين" بالبنان، على اعتبار أنهم نماذج إيجابية يقتدي بها الشباب المنحدر من أصول أجنبية، لتذليل العقبات وتحقيق أحلام النجاح. غير أن إعلان اكتشاف عملية تجسسية "بطلها" أجنبي "ناجح"، سيؤدي لا محالة إلى عرقلة مسيرة كل من يرغب في المستقبل التقدم لشغل وظائف عمومية. محاولات قديمة جديدة على مدى عقود الهجرة الماضية، دأبت السلطات المغربية على تعقب ومراقبة أفراد جاليتها في المهجر. في السابق كانت وداديات العمال المغاربة تقوم بدور ملحوظ في هذا الشأن. وكثيرا ما كانت جمعيات أخرى مناهضة لها تقف لها بالمرصاد، وتواجه ما كانت تطلق عليه آنذاك "اليد الطولى" للنظام المغربي في أوروبا. " "بالنسبة لي، يقول السيد محجوب بنموسى، رئيس أرضية المنظمات الأجنبية في روتردام، في تصريح لإذاعة هولندا العالمية، لا أستغرب القضية لأن المغرب منذ زمن وله مخابراته في هولندا لمراقبة الجالية". أما هذا الذي انفضح أمره الآن فهو "كامبو" (مغفل)، في حين لا يزال آخرون ينشطون لصالح المغرب متخذين أشكال تمويهية مختلفة مثل وكالات الأسفار أو المتاجر وغير ذلك، يضيف بنموسى. وفي سؤال حول ما يدفع المغرب إلى مراقبة أبنائه في المهجر، يضيف السيد بنموسى: "لأن السلطات المغربية تخاف من الجالية المغربية التي أصبحت حرة وتتحرك سياسيا ونقابيا وديمقراطيا، وبالتالي قديكون لها تأثير كبير داخل المغرب. وهذا شكل دوما هاجسا لدى السلطات المغربية". أما السيد سعيد بودوفت، مدير مؤسسة مياندر لتعدد الثقافات، فعبر، في تصريح مماثل لإذاعة هولندا العالمية، عن استغرابه من هذه الحادثة: "هذا الشيء لم يكن معروفا. أن يقدم مغاربة يعملون في مؤسسات هولندية على التجسس لصالح الحكومة المغربية. هذا الأمر جديد". ويستدرك السيد بودوفت قائلا: إن السلطات المغربية كانت تحاول دوما "تحسين علاقاتها بالجالية المغربية في أوروبا ومراقبتها" لسببين أساسيين: سبب اقتصادي صرف يتمثل في رغبة الحكومة المغربية في استمرار تدفق العملة الصعبة بالوتيرة التي تعرفها حاليا أو زيادة. والأمر الثاني مرتبط بمراقبة ما أسماه "الحركات الجهادية" التي "يظهر أنها قادرة على القيام بعمليات تفجيرية حتى في المغرب"، يقول السيد بودوفت. بلا مصداقية يتفق السيدان بنموسى وبودوفت على أن هذه الحادثة تضع مصداقية الأجيال القادمة على المحك، لأن المؤسسات والمصالح العمومية ستزيد من تشديد إجراءات ولوج الوظائف العمومية على ذوي الأصول الأجنبية، وستفكر مليا قبل إقدامها على توظيف أي مغربي أو أجنبي من جنسيات أخرى. فالقضية لا يمكن اعتبارها على أي حال حدثا معزولا، وإنما هي عامة تشمل أفراد الجالية المغربية كلها. ومن جهة ثانية، لا يخفى أن هذه الحوادث وأمثالها تعد "مناسبات ذهبية" تستغلها تيارات اليمين في هولندا "للضغط في اتجاه التضييق على المغاربة"، يقول محجوب بنموسى، ويوافقه الرأي السيد بودوفت الذي يرى أن أحزاب اليمين لن تتوانى عن استغلال هذه القضية ليعيدوا النقاش حول "ازدواجية الجنسية" مثلما فعلت في حالات سابقة. ولذلك يوصي أفراد الجالية المغربية، وخاصة من يتقلد وظيفة عمومية، بالابتعاد عن الأنظمة الخارجية؛ إذ "ليس معقولا أن تكون موظفا لدى المصالح الهولندية، وتخدم في نفس الوقت لصالح أجهزة أخرى خارجية"، يقول سعيد بودوفت. السيد بنموسى من جهته، يرى أنه من الضروري التنبيه إلى المخاطر المترتبة عن مثل هذه القضايا، وقد يصدر عما قريب بيانا يوضح موقف مؤسسته من هذه المسألة.