تشهد موجة انتشار وباء "كورونا" في المغرب، هذه الأيام، ارتفاعا مهولا فاق مرحلة بداية ظهور الجائحة وبلغت معه الوفيات المسجلة أرقاما مرتفعة. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي تعرفه حملة التلقيح الوطنية ضد فيروس "كورونا"، فإن هذه الأرقام اليومية، التي تجاوزت عشرة آلاف حالة، باتت تثير مخاوف العديد من المواطنين والفاعلين. وأضحى هذا الارتفاع، الذي يتوقع أن يعرف تزايدا كبيرا في غضون الأيام المقبلة، يؤثر على المنظومة الصحية بمناطق عديدة؛ على غرار مراكش والدار البيضاء، حيث صار العثور على أسرة الإنعاش أمرا مستحيلا. ويحذر المختصون في المجال الصحي من خطورة هذا الوضع، الذي في حالة استمراره على هذا المنوال قد يعصف بالمنظومة الصحية ويتسبب في انهيارها. رقعة انتشار "كورونا" تتسع الدكتور الطيب حمضي، الخبير في النظم والسياسات الصحية، أوضح، في هذا الصدد، أن المتحور دلتا لفيروس "كورونا" صار سريع الانتشار؛ بالنظر إلى وجود خزان كبير من المواطنين غير الحاملين للفيروس بعد. ولفت حمضي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الفيروس المذكور لم يصل بعد إلى مرحلة الذروة؛ وهو ما يعني، حسب الخبير ذاته، أن رقعة انتشاره ستتسع في الأيام المقبلة، إذ يتوقع أن تصل الإصابات أرقاما مرتفعة عما هي عليه اليوم. وشدد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، ضمن تصريحه، على أنه لا يمكن الحديث عن تراجع الفيروس الآن في ظل عدم تلقيح جميع المواطنين لتحقيق المناعة أو عدم تحسن سلوك المواطنين بالالتزام بالتدابير الصحية أو عدم لجوء السلطات إلى تشديد الإجراءات الترابية؛ بل إن الوباء سينتشر بشكل كبير في الأجساد. بدوره، أكد الدكتور سعيد عفيف، عضو اللجنة العلمية للتلقيح ضد "كورونا"، أنه لا يمكن إلا أن تسجل أعداد مرتفعة من الإصابات بفيروس "كوفيد 19" في ظل عدم تقيد المواطنين بالتدابير الاحترازية وعدم خضوعهم للتلقيح. وأردف عفيف، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحل الذي يمكنه الحد من فيروس "كورونا" يتمثل في الالتزام بالتدابير الصحية وبتسريع وتيرة حملة التلقيح ضد هذا الفيروس؛ دون ذلك، يضيف، فإن الحالات سترتفع. ودعا عضو اللجنة العلمية للتلقيح ضد فيروس "كورونا" المواطنين إلى التقيد بالتدابير الصحية حماية لأنفسهم وأسرهم، وكذا إلى التوجه إلى المراكز المخصصة للتلقيح ضد الفيروس من أجل تلقي الجرعات؛ للحد من انتشار هذا الفيروس، وكذا للتخفيف خطورته في حالة الإصابة به. ضغط على المنظومة الصحية في ظل هذا الارتفاع المسجل في عدد الإصابات المؤكدة بفيروس "كورونا"، تواجه المنظومة الصحية بالمملكة مخاوف من الانهيار، لا سيما أن بعض المستشفيات تعرف ضغطا كبيرا بسبب تزايد عدد الحالات الخطيرة. وصار في بعض المدن، على غرار مراكش والدار البيضاء، العثور على مكان لأحد المصابين بأقسام الإنعاش شبه مستحيل؛ بالنظر إلى عدد الحالات الحرجة المسجلة. وفي هذا الصدد، أوضح سعيد عفيف أن المنظومة الصحية تعيش ضغطا كبيرا؛ لذلك، يتوجب على المواطنين الخضوع للتلقيح لتفادي الإصابة أو الوصول إلى المرحلة الحرجة. وأكد المتحدث نفسه أن هذا الضغط بات يتمثل في صعوبة العثور على أسرة بأقسام الإنعاش؛ وهو ما يستلزم التقيد بالتدابير الصحية من لدن المواطنين. وأضاف عفيف أن انتشار الفيروس بات يظهر من خلال إصابة العديد من الأطفال بدورهم؛ وهو ما يجعل تلقيحهم أمرا واردا. وبالرغم من تأكيد الدكتور الطيب حمضي على أن السلطات لن تترك المنظومة الصحية تنهار، فإنه أكد أن ما ساعد في عدم انهيار هذه المنظومة هو أن نسبة كبيرة من كبار السن جرى تلقيحهم. وأوضح الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية أنه من المؤكد أن تشدد الإجراءات الترابية على المواطنين في حالة استمرارهم في خرق التدابير الصحية، معتبرا أن عدم الاكتراث من لدن المواطنين وتزايد الحالات سيؤثران على المنظومة الصحية؛ لذلك يتوقع الخبير في المجال الصحي أن يتم اللجوء إلى إجراءات ترابية مشددة. ولفت حمضي إلى أن "الدولة لا يمكن أن تلجأ إلى الإغلاق في كل وقت ارتفعت حالات الإصابة؛ وإنما يجب أن تتخذ إجراءات مشددة، وأن يقوم المواطن بالتلقيح ويحترم التدابير الصحية، ولي فرط يكرط".