تهرب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من الرد على الدعوة التي وجهها إليه الملك محمد السادس لتفعيل الحوار بين البلدين الجارين قصد تطوير الشراكة الثنائية، والعمل على فتح الحدود المغلقة بينهما. وفي جوابه على سؤال حول ما تضمنته الدعوة الملكية بمناسبة عيد العرش، قال الرئيس تبون: "بالنسبة إلى الجزائر لم تكن هناك استجابة للمشكل الحالي المتمثل في تصريح دبلوماسي مغربي بأمور خطيرة جدا سحبنا على أساسها سفيرنا من الرباط وقلنا نمضي إلى أبعد ولم يأتنا جواب". وكان سفير المغرب بالأممالمتحدة عمر هلال أثار غضب الجزائر بعد توزيعه مذكرة في مؤتمر حركة عدم الانحياز بشأن دعم المغرب "تقرير مصير الشعب القبائلي"، وذلك رداً على استفزازات الجارة الشرقية بخصوص دعمها للجماعة الانفصالية المسلحة جبهة البوليساريو. وبخصوص نزاع الصحراء المغربية، جدد الرئيس تبون، في حوار مع وسائل إعلام جزائرية ليلة الأحد، مواقف بلاده العدائية تجاه ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وقال إن هذا الملف يوجد بين يدي الأممالمتحدة ويعالج في "لجنة تصفية الاستعمار". واعتبر الرئيس تبون أن الجزائر مجرد طرف "ملاحظ" في نزاع الصحراء المغربية، معرباً عن استعداده احتضان لقاء بين المغرب وجبهة البوليساريو فوق الأراضي الجزائرية، مضيفا أن بلاده على استعداد للقيام بكل إمكانياتها حتى يحل هذا الملف بين المغرب والبوليساريو. وأورد الرئيس الجزائري، في حواره الدوري مع بعض وسائل الإعلام، أن "حل هذا الخلاف يجب أن يكون برضى الجميع، ولا يمكن أن نفرض على الصحراويين قراراً"، وفق تعبيره. وتأتي محاولة حصر الخلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو في وقت أكدت فيه تقارير مجلس الأمن الأخيرة، وآخرها القرار رقم 2548 الصادر في 30 أكتوبر 2020، موقع الجزائر كطرف رئيسي في المسلسل الرامي إلى التوصل إلى "حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم" لقضية الصحراء "قائم على التوافق". ويرى الموساوي العجلاوي، أستاذ باحث بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أنه رغم أن جواب الرئيس تبون كان "سلبياً على مستوى التجاوب مع النداء الملكي، إلا أنه يمكن اعتباره بداية أخذ ورد بين البلدين". وتأسف الخبير في الشؤون الإفريقية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على كون تصريح الرئيس الجزائري "يعيد المواقف السابقة نفسها بشكل سيء، ويؤكد على المواقف المتجمدة للنظام الجزائري" تجاه العلاقات مع المغرب. وأوضح العجلاوي أن الرئيس الجزائري سقط في تناقضات واضحة خلال رده على الدعوة الملكية، مشيرا إلى أن جواب تبون بخصوص احتضان مفاوضات بين المغرب والبوليساريو يؤيد بطريقة غير مباشرة ما جاء في مذكرة عمر هلال، متسائلا في هذا الصدد: "ماذا لو أن مبعوث المغرب بالأممالمتحدة تفاعل مع رد تبون في إطار الأخذ والرد وخاطب النظام الجزائري بكون المغرب مستعدا لفتح حوار بين جمهورية القبائل والنظام الجزائري؟". وأورد العجلاوي، في تصريحه، أن حكام الجزائر "لم يفهموا بعدُ أن ملف الصحراء مسألة مقدسة لدى الشعب المغربي وباتت محط تحولات جيوسياسية كبيرة في المنطقة"، مبرزا أن رد الرئيس تبون يظهر أن "النظام الجزائري مازال يعيش حالة انفصام بين الواقع والمنطوق به على المستوى الداخلي والإقليمي". وأشار المتحدث إلى "فشل الدور الإقليمي للجزائر في الملف الليبي، ثم التوتر الحالي بين النظام الجزائري والرئيس التونسي قيس سعيد، بالإضافة إلى التحديات اليومية التي يعيشها الشارع الجزائري والتهديدات الأمنية من الشمال والجنوب".