في موضوعي"الاغتصاب×4" انتهيت الى ترجيح فرضية كون مسطرة العفو عن إنسان اسبانيا الوحش،شابها خطأ ما ؛ وطالبت ببحث النازلة من جميع جوانبها؛تنزيها مني لملك المغرب،حفيد محمد الخامس، عن مقايضة مصالح البلاد-ولو العليا- بكرامة المواطنين.الوطن بدون كرامة ميت؛ولا فائدة في ميت لأحد،عدا خشاش الأرض. وطالبت ،كذلك،السيدين وزيري العدل والإعلام ،بشيء من الشجاعة الأدبية ،لتنوير المواطنين بخصوص هذا الذي حصل. لم تتأخر استجابة الأول سوى ساعات ،فاستقبل المواطنون التوضيح،وهو يصدر عن الجهة الحكومية المخول لها ذلك. أما الثاني فلم يجد مبررا للتراجع عن زعمه الجهل التام ؛وهذا تقية –حتى لا أقول جبنا - من وزير نُصب ليَعْلَم ويُعْلِم المواطنين -وحقهم في المعلومة ثابت-وعن هذا ،فقط، يتقاضى راتبه . الديوان الملكي يؤكد فرضية الخطأ: لا علم للملك محمد السادس بجرائم الوحش الاسباني في حق الطفولة؛وعزم ملكي على مراجعة وتعديل مسطرة العفو. وأهم من هذا التأكيد على مواصلة تعهد الطفولة المغربية -وفق سياسة ملكية قطعت أشواطا مهمة- وتحصينها ،حفظا لكرامتها. إنها المرة الثانية- بعد خطاب التاسع من مارس، في موضوع تعديل الدستور- التي يتجاوب فيها الملك،بسرعة قياسية، مع مطالب ترفعها احتجاجات للمواطنين بالشارع العام. بغض النظر عن القراءات الغاضبة أو المتسرعة لبلاغ الديوان الملكي؛والتعليقات التي تنحوا ،أحيانا،نحو الاستعلاء والمزايدة حول الشجاعة،لكن بأسماء مستعارة- فإنني أسجل تحولا مهما ،وشجاعا،في تعامل المؤسسة الملكية مع مطالب المواطنين ،خصوصا حينما تجأر بالظلم ،بل الظلمات؛ولا ظلم أقسى مما يصيب الكرامة في مقتل.تجوع الحرة ولا تأكل بثديها .. إن البلاغ ،حتى وهو يبرئ ساحة الملك من العفو على وحش آدمي،وهو يعلم تفاصيل ملفه؛يتضمن اعترافا للمواطنين ؛وهم أهل لهذا الاعتراف وفضيلته،بأن الملك قد يُضَلل فتصدر عنه أوامر وتصرفات ما كان ليرضاها لو علم بالحقيقة. ويتضمن أيضا أنه المسؤول – دستوريا- عن تقويم مسطرة العفو ؛كإجراء تفصيلي لممارسة "سلطة" العفو الموكولة له،بكل موضوعية. وفي تكليف وزير العدل بهذا الأمر تنازل من المؤسسة الملكية . ويتضمن،أيضا، أن عفاريت بنكيران-وتنكر وجودها أكثر من جهة- نقلوا نشاطهم إلى المنطقة المحرمة ،إلى المربع الملكي ليشتغلوا كالفيروسات المدمرة للبرامج الالكترونية والأقراص الصلبة . ها قد انكشف الغطاء ،وصار البصر حديدا ،ولم يبق إلا تنصيب برنامج مضاد لها ،تمساح من تماسيح الترسانة الرقمية الرادعة ،وليس تماسيح بنكبران. وكلي ثقة أننا سنضع –في الأيام القليلة القادمة- أسماء على وجوه أشباح تحدت كل تعويذات وطلاسم رئيس الحكومة. ليلة الاغتصاب والدم: ستظل ليلة الجمعة 3غشت2013 –بعاصمة المملكة،حيث سال الدم- ليلة حريق حقوقي غريب ؛اشتعل في عضلات المخزن الضارب،وهب المواطنون لنجدة أعوانه وهم يحترقون ،بتذكيرهم بأن الأوامر الصادرة إليهم بالضرب ،توشك أن تصبح أوامر لتسليم أبنائهم لتستباح كرامتهم. لم تهب نخبة المجتمع ،وسائر من حضر ،و"كان فيها جذع",للمطالبة لا بإسقاط و لا بإعلاء؛لا بخبز ولا بماء،وإنما بحق للأطفال المغاربة – ومعهم أطفال اسبانيا والعالم،في التنفيذ الكامل لعدالة القضاء المغربي ،وحتى الدولي ،في حق إنسان اسبانيا الوحش. أين الخلل،وكل عدالة السماء والأرض لا تقول إلا بالقصاص الكفء للجرم؟ لماذا هاجم أعوان السلطة الأيادي التي امتدت لإنقاذ كرامة الوطن؛وهي تصرخ: لقد وقع خطأ ما ،فأدركنا ياملك المغرب؟ أي سلاح نعتز به ،بعد هذا،إن دمرنا سلاح الكرامة،الذي تسلمناه من ثورة الملك والشعب،ذات زمن مغربي صعب؟ ان ارتباط الخطأ بقرار ملكي ،لا يفسد للود قضية؛الا في أذهان مسؤولين لم يتجاوزوا بعد عقدة السلطة المخزنية في نفوسهم؛وهي السلطة التي أشرق عليها مفهوم جديد ،وملكية مواطنة. ها قد حصحص الحق: واصبح الملك ،بعد البلاغ،طرفا في الحل ،وليس الأزمة. هل يقف المخزن المتخلف في وجه الملك أيضا ،ليقول له ،بعد فروض الطاعة: لا لم تخطئ جلالتكم ؛الآباء والأطفال،والقضاة، هم من أخطأ.؟ مرة أخرى أعتقد أن الذين اخترقوا مسطرة العفو ليفسدوا القصد الشريف لملكين ،هم أنفسهم من أمروا بالتدخل العنيف الذي بلغ من الرعونة عتيا ،وهو لا يوقر أحدا من خيرة المجتمع .أهينت نخبة لن تجد البلاد بين يديها سواها في الملمات التي تحبل بها الأيام.وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر،وفي الليلة المقمرة يمجد. وهل كان للمغرب غير نخبته في سائر محطاته؟ يجب الاعتذار: لأن بلاغ الديوان الملكي ،له منطوق مخالف ،كما يقول الأصوليون؛فالخطأ الذي شاب مسطرة العفو،يومئ إلى أن كل الاحتجاجات في جمعة الغضب،حيثما انبجست ،كانت محقة وذات موضوع .وحدها هجمة أعوان السلطة ظلت خارج التغطية. لتكتمل اللبنة في هذا الصرح الذي ارتفع معليا الكرامة والفضيلة،ملكيا وشعبيا، لا بد من الاعتذار لفعاليات المجتمع المدني ،عما لحقها من سيولة بنك العنف.وهو اعتذار منتظر من السيد وزير الداخلية ،والي هذا البنك. أما وحش اسبانيا ،حتى وهو خارج التراب الوطني ،يظل في متناول أطفال اسبانيا وآبائهم ،وفي متناول قضاء هذا البلد ،إن فعل بدراية وزخم جمعوي دولي. سيظل هذا الحادث- رغم قساوته- مؤشرا على أننا نعيش تحولا مجتمعيا عميقا ،ينقلنا فعلا من مجرد رعايا الى مواطنين يمارسون فعلا وطنيتهم.ولا حياة لوطن الا من خلال حياة أبنائه ،ذوي الثقة الكاملة في نفوسهم،وبكامل كرامتهم.يا أيها العالم هذا وطن يشتغل. [email protected] Ramdane3.ahlablog.com