منذ سبع سنوات تقريبا، ومنطقة غرب البحر الأبيض المتوسط تعيش سباقا نحو التسلح، فالجزائر تعمل على تجديد ترسانتها العسكرية بميزانية ضخمة تتجاوز عشرة مليارات يورو مستفيدة من عائدات الغاز والبترول، أما إسبانيا، فتعمل مع المغرب على تحديث عتادها العسكري لضمان تفوق عسكري لعقود على المغرب ضمن ما أصبح يطلق عليه ب"استراتيجية الردع" لتفادى كما تقول أوساط إسبانية "أى مغامرة عسكرية من طرف الرباط"، بينما يجد المغرب نفسه مطالبا بضرورة تخصيص ميزانية إضافية لتحديث عتاده البرى والجوى لضمان نوع من التوازن مع الجزائر وتوازن آخر ولو نسبى مع إسبانيا. وهكذا - يقول مراقبون- نحن إزاء سباق ثلاثي الأبعاد بين المغرب والجزائروإسبانيا، يهدف للحصول على أحدث الطائرات المقاتلة، ونخص بالذكر طائرات "رافال" الفرنسية وطائرات "ف 16" الأمريكية وطائرات "ميغ 29" و"سوخوي" الروسيتين، إضافة إلى مقاتلات "يوروفايتر" الأوروبية، الأمر الذي يضعف آليات الثقة المعمول بها في المجال العسكري بين مدريدوالرباطوالجزائر. وتأسيسا على هذه الأرضية، كشفت جين فارمر من الوكالة الأمريكية للصناعات الدفاعية نهاية الأسبوع الماضي، أن المغرب أصبح من بين خمس دول عربية، الأكثر اقتناء للسلاح الأمريكى لسنة 2008، مضيفة أن الدول العربية الخمس تعتبر من بين أكبر المشترين فى صفقات بين الحكومات فى السنة المالية 2008. وكان الكونغرس الأمريكي قد وافق على تسليم المغرب 24 مقاتلة من طراز "إف 16"، "الجيل الجديد سنة 2011"، حيث تقدر قيمة الطائرة الواحدة من طراز "أف 16" بحوالي 40 مليون دولار، وسيتلقّى قادة طائرات "أف 5" المغربية تكوينا فى الولاياتالمتحدة، يمكّنهم من قيادة الجيل الجديد من تلك الطائرات. أما وليم ماك هنري، رئيس قطب تصنيع "أف 16" فى مجموعة "لوكهيد مارتن"، فأشار على هامش مشاركته في المعرض الدولي لصناعات وخدمات الطيران في مراكش في أواخر كانون الثانى "يناير" الماضي، أن المغرب أبرم فى مطلع العام الجاري صفقة مع "لوكهيد مارتن" لشراء رادارات أرضية لفائدة الجيش المغربي، مؤكدا أنها "من أحدث أجهزة الرصد والمراقبة فى العالم"، وأن "اقتناء الرادارات الجديدة سيمكن من "تطوير قدرات المغرب الدفاعية". "" وتعتبر مبيعات السلاح للخارج من الأدوات الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث بلغ إجمالي مبيعات كبرى الشركات الأمريكية في هذا الصدد سنة 2007 حوالي 23.3 مليار دولار. ويلاحظ أنه إلى جانب هاتين الصفقتين مع الولاياتالمتحدة، حافظ المغرب على علاقاته مع ثاني أكبر مصدر في التزود بالسلاح، أي فرنسا، حيث أظهر التقرير الأخير لوزارة الدِّفاع الفرنسية، الذي تم تقديمه للبرلمان عن صفقات السلاح، أن المغرب تصدر زبائن فرنسا في القارة الإفريقية خلال السنوات العشر الأخيرة بصفقات بلغت قيمتها الإجمالية 690 مليون يورو، مقابل 245 مليون يورو للجزائر فى الفترة نفسها، كذلك احتل المغرب المرتبة الأولى بين زبائن فرنسا في العام الماضي بصفقات بلغت 363 مليون يورو بالنسبة للأسلحة و16 مليون يورو بالنسبة للعتاد الحربي. وتبدو الصورة لدى المتشائمين كما لو أن المنطقة على أبواب تصعيد أمنى من فرط التسريع في صفقات شراء الأسلحة، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار تبعات الصراع الأمريكي الفرنسي على تزويد المنطقة بالأسلحة في صفقات ضخمة، تختلط فيها حسابات أمنية وسياسية واستراتيجية واقتصادية طبعا، لولا أن الحفر قليلا في الملف، يؤكد لنا بشكل أو بآخر، أن الأمر لا يعدو أن يكون تكرارا لسيناريوهات تصعيد قديمة، تشهد مؤخرا تجديدا لها في الصيغ والصفقات، ولا تنذر قط بأي تصعيد أمنى بارز، على الأقل في الأمد القريب.