تسببت جائحة كورونا والتدابير الصارمة التي تم اتخاذها لحماية المواطنين في انتكاسة اقتصادية كبرى على الصعيدين الدولي والوطني، وهو ما دفع الحكومة إلى اتخاذ عدد من الإجراءات لدعم الأسر والمقاولات المتضررة بالأزمة، لتأمين سيرورة سلاسل الإنتاج بمختلف القطاعات. وبادر بنك المغرب إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الهادفة إلى تحقيق تمويل ملائم للاقتصاد ومساندة القطاع البنكي من خلال مجموعة من الإجراءات والقرارات، التي ساهمت في ضمان توازن القطاع المصرفي الوطني، وتعزيز قدراته للمساهمة في مواكبة القطاع الخاص. وأصدر بنك المغرب التقرير السنوي السابع عشر حول الإشراف البنكي، حصيلة إنجازات سنة 2020، التي شهدت انتشار جائحة كوفيد-19، إذ رصد مختلف الإجراءات الحيوية التي تم اتخاذها في هذه الفترة. وقالت هبة زهوي، مديرة الإشراف البنكي ببنك المغرب، إن التقرير تطرق للإجراءات التي تخص جانب السياسة النقدية، التي تمثلت في تخفيض سعر الفائدة الرئيسي بما مجموعه 75 نقطة أساس، ليصل إلى 1.5 في المائة، وهو أدنى مستوى له على الإطلاق. وأوضحت مديرة الإشراف البنكي ببنك المغرب، في ندوة صحفية عقدتها بمدينة الدارالبيضاء، أن الإجراءات شملت أيضا تحرير حساب الاحتياطي الإلزامي بشكل كامل، وتوسيع قائمة الضمانات المقبولة لعمليات إعادة تمويل البنوك بواسطة تسبيقات بنك المغرب، وكذا تخفيف شروط إعادة تمويل البنك المركزي لقروض المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة التي تقدمها البنوك. وأحدث البنك المركزي، حسب التقرير الذي قدمت هبة زهوي أهم تفاصيله الكبرى، خطوط إعادة تمويل جديدة لتغطية حاجيات البنوك التشاركية وجمعيات القروض الصغرى؛ فيما اتخذ على المستوى الاحترازي تدابير تيسيرية مؤقتة لدعم القطاع البنكي وتعزيز متانته. وأشارت زهوي إلى أن هذه الإجراءات مكنت القطاع البنكي من الصمود، إلى جانب الأسس المالية الجيدة التي ميزت فترة ما قبل الأزمة، إذ بلغ متوسط نسبة الملاءة 15.7 في المائة، ومتوسط نسبة الأموال الذاتية من الفئة الأولى 11.4 في المائة في نهاية سنة 2020، رغم ارتفاع نسبة الديون المتعثرة إلى 8.2 في المائة وانخفاض نتائج البنوك بنسبة 43 في المائة. وأكدت نتائج اختبارات الضغط التي أجرتها البنوك وبنك المغرب في الفصلين الثاني والرابع من سنة 2020 متانة القطاع البنكي. وعلى مستوى السيولة، ظلت وضعية البنوك مريحةً بفضل الإجراءات التي اتخذها بنك المغرب. وفي ما يتعلق بالإشراف البنكي، قام البنك بتكييف تدابيره مع سياق الأزمة الصحية والاقتصادية من خلال مراقبة مصادر المخاطر ذات الأولوية وإيلاء اهتمام أكبر بموضوع حماية الزبائن؛ كما أنهى سلسلة من الإصلاحات التنظيمية التي تم تأجيلها بسبب الأزمة، والتي تم اعتمادها في 2021. من جهة أخرى، شكلت الأزمة الوبائية فرصة لتقوية اعتماد التكنولوجيا الرقمية في الخدمات البنكية ولانخراط القطاع بأكمله في عملية الانتقال نحو مالية خضراء ومستدامة ومبتكرة.