يوم ضحكت علينا الأمم ، وبصق التاريخ على خطانا ، وسخر منا رمضان ، واقتيد ابناؤك يا وطني إلى الزنايزن ، يومها كنت هناك ، ارمقك من بعيد وأتحسر ، مسحت دمعة من عيوني وتابعت ليلتي المكفهرة .. يوم اغتيل القلم فيك يا بلدي والناس تفرح وتضحك وتجري وتلعب وتجهز الموائد لإفطار شهي ، ترقرقت الدموع في مقلتي وأصابني قهر ما بعده قهر ، لأن الراجي كان هناك في زنزانته الانفرادية ، أسميها انفرادية لأنه وإن جمعته زنزانة مع باقي المجرمين والسفلة ، فزميلنا كان الشمعة الوحيدة التي منحتهم بعض الاحترام ، أتساءل كيف قضيت ليلتك الأولى سيدي ؟ .. قبل أن يلقى عليك القبض وتساق للمحاكمة بلا شهود ، وبلا قيود ، وبلا مرافعة ، كنت جالسا على مقعدي الدوار ، تدور بي الدوامات ولا ادري لمصيبتك حلا غير الدعاء لك ، كتبت اسمك بمسنجري ، وصورتك بمعرفي ، وبمنتديات كثيرة ، وحسدتك ، عفوا غبطتك فلا نحسد الأحبة ، ولا أفكر أن أشاطرك سجنك ، فأنت أقوى وأصلب وما أنا إلا سطر على الهامش ، لكن نبقى أبناء بلد واحد يجمعهم نفس المصير.. لم استطع أن أقدم لك أكثر من بعض التواقيع بالمنتدى لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولساني يدعو لك بلا انقطاع ، فك الله أسرك ، وحباك الله بعفو منه ، ومن ملكنا الذي لم تمس شعرة من رأسه ، بل له الفخر أن يكون من ضمن رعاياه من يؤمن بالحب والقمح مثلك .. "" يوم القوا القبض عليك سيدي ، شمت فيك البعض ، وضحك البعض الآخر ، وحزن الكثيرون ، للشامتين رب يراهم ، ولمسانديك رب يبتسم لهم ، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، منهم من سجن ومنهم من ضرب ومنهم من جلد ومنهم من لا أعرف له مصيرا ... يومها سيدي كتبت اسمك بالطبشور على الحيطان ، وشرفت جدران السجن بنفسك الطاهر ، كلنا نمنا على أسرة وثيرة ، بينما نمت على الإسفلت ،لا تحزن فإن الله معنا ... محمد السادس ، ملك المغرب ، وتاج رؤوسنا ، ندعو لك كل جمعة بعد الصلاة ، وأدعولك كل يوم ، من الاثنين الى الأحد ، كفرد من رعاياك يؤمن بحكمك و بصيرتك وعدلك ، رأيتك يوم حلت المصيبة بمدينتي ، وأنت تتفقد المفجوعين بالحسيمة ، يومها شهد لك الجميع بالبطولة ، وزاد حبك في قلبهم ، حتى بات الأخرس يدعوا لك لأنك صالحت الحاضر والماضي ، وأنصفت الكثيرين ، ثم بعد رحيلك سيدي عادت حليمة إلى عادتها القديمة ، وعاد المسؤولون عنا إلى عبثهم ، واحتقارنا ، فجلالتك أطهر من أن ترمي برعاياك في السجن وأنت الذي عفوت على مئات السجناء في كل مناسبة ، فكيف يضام في مملكتك قلم حر .. اليوم حاكموه واقتادوه إلى الظلام ، غدا سيقودون آخر وآخر ، وبعد غد سيسخر منا كثيرون.. سيدي إن حبك يشملنا .. دام عزك سيدي ، أطلق سراحه فإن له أهلا تتقطع أكبادهم عليه أطلق سراحه فبقدر معزتك تأتي مطالبنا ... وما أكثرها سيدي...