تسير الأمور كالمعتاد ولا شيء تغير ،الحكومة تشتغل بأقل من نصابها وثلث وزرائها خارج الحكومة. إشكالية تدبير الأزمة الحكومية بالنسبة لرئيس الحكومة،اقتصرت على الجانب الائتلافي والتفاوض من أجل توفير النصاب الدستوري لمواصلة الحكم،المسؤوليات الوزارية تضاعفت،لأن هناك وزراء صاروا يتحملون مسؤوليات إضافية.استقالة جماعية فتت في عضد الحكومة والمنطق الديمقراطي يدعو إلى تحكيم القانون وتطبيق بنود الدستور الذي يضع الأمور من جديد بيد الشعب ،وبالتالي اللجوء إلى صناديق الاقتراع. انتخابات تشريعية سابقة لأوانها ، هل هذا ما يريد حميد شباط بالضبط أو أن هناك نوازع سياسية مضمرة دفعت بحميد شباط إلى العثور على هذه التخريجة السياسية الماكرة؟ هل هناك دوافع بنية الإصلاح وعدم الرضا عن الأداء الحكومي كما تدعي مشروع سحب الثقة من حكومة بنكيران الذي جرد فيه شباط 19 نقطة سلبية ضد حكومة بنكيران ؟ في أي باب من أبواب التقويم والنقد والتصحيح، يمكن وضع العملية التي قام بها حميد شباط؟فالاستقالة الجماعية التي طالب بها حميد شباط، أخرجت حزب الاستقلال من الحكومة وأخرجت الحكومة نفسها من الديناميكية السياسية والشرعية المؤسساتية.فالحكومة الحالية كما هو معروف حكومة هشة في مكوناتها السياسية بسبب النسبة التي حصل عليها الحزب الأغلبي في الانتخابات وبسبب انعدام التوازن السياسي داخلها، والكل يذكر كيف عانى رئيس الحكومة الأمرين في العثور على صيغة تآلف سياسي لقيادة حكومة الربيع العربي في المغرب،ليبقى حزب الاستقلال هو الحليف الأول فيها وبيده قرار موتها أو حياتها السياسية. الكل يعرف أيضا أن حكومة بنكيران بدون حلف سياسي قوي يعزز مكانتها القيادية في الدولة،يعرضها للانهيار ويسقطها حتما،علما أن ما يقوم به رئيس الحكومة حاليا في البحث عن حليف بديل لحزب الاستقلال يتنافى مطلقا مع المبادئ الديمقراطية وقيمها المؤسساتية ولا يحترم حق الرأي العام في إعادة بناء الحكومة،فالصيغة القانونية لمعالجة مثل هذا الإشكال دوليا وديمقراطيا،تبقى هي الانسحاب الكامل للحكومة من موقعها، وهو ما تعبر عنه أدبيات الإعلام بالسقوط الحتمي للحكومة واللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها وبالتالي إعادة الأمور إلى نصابها أي وضع الحل في يد من يستحقه ألا وهو الشعب،لأن إشكالا من هذا القبيل لا يمكن حله بالتوافقات السياسية والتفاوض ودخول معركة التوازنات الحزبية لإعادة تشكيل حكومة بديلة .فما يقوم به السيد بنكيران الآن هو مخالف للدستور وغير منسجم مع سنة النهج الديمقراطي المتبع في كثير من الدول الديمقراطية التي لا تفاوض من أجل الترميم السياسي لحكومة متهالكة فقدت شرعيتها السياسية،بل تخرج بأقل الخسائر معتمدة على موقعها في المشهد السياسي. ما قام به حزب الاستقلال هو موقف جماعة بصيغة الفرد، لأن شباط وأنصاره لا يشكلون وحدهم موقف الحزب فبداخل حزب الاستقلال الآن شطر سياسي للممانعة والرفض،يبدو أن ما تصل إليه قرارات أمينهم العام لا تشكل قناعات الكثير منهم. إن الوضع الحالي فرض تعقيدات سياسية مضاعفة أمام رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران والحل هو اللجوء إلى صناديق الاقتراع،فحكومة بنكيران عانت كثيرا من العوائق والمثبطات السياسية وحصيلتها الحكومية هزيلة جدا،وأكثر الوقت تم هدره بسبب السجال السياسي الفارغ،كما آن برلمانها لا يرقى إلى المستوى التشريعي الذي قلدته إياه الوثيقة الدستورية فالقوانين التنظيمية التي أقرها الدستور، لم تر النور، والسلطات التي منحها إلى النائب البرلماني، في التشريع والرقابة على أعمال الحكومة، بقيت معطلة ومعلقة على شرط توفر نخبة سياسية قادرة على تفعيلها. لا الحكومة ولا البرلمان بوسعهما في نهاية الولاية أن يقدما شيئا يذكر في حصيلة عملهما عند إسدال الستار عن المدة المنتدبة للحكومة.الأجدر القيام بانتخابات تشريعية سابقة لأوانها،وانتظار ما ستفرزه الانتخابات لمعرفة نسبة تافوزوإعادة تشكيل حكومة قوية ومنسجمة.