في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الرباط خطوات أكبر من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لتثبيت قرار بلاده بشأن الاعتراف مغربية الصحراء، فاجأت الخارجية الأمريكية صناع القرار في المملكة بإثارتها قضية الصحافي سليمان الريسوني، المدان بخمس سنوات نافذة، موجهة ملاحظات بشأن التعاطي القضائي مع هذا الملف. وكانت الرباط تنتظر تفاعلا من أعلى مستوى من الجانب الأمريكي في قضايا الصحراء؛ لكن واشنطن أظهرت تريثا وتباطؤا في الحسم النهائي لهذا المشكل خاصة في مجلس الأمن، باعتبارها تملك مفاتيح الحل النهائي للنزاع، قبل أن تفتح الخارجية الأمريكية ملفات حقوق الإنسان وحرية التعبير بالمملكة. وعقب الإدانة الابتدائية للصحافي المضرب عن الطعام سليمان الريسوني، قال نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية أصيبت ب"خيبة أمل" بسبب "تقارير حول حكم محكمة بالمغرب على الصحافي سليمان الريسوني بخمس سنوات سجنا". محمد الطيار، الخبير في الشأن الأمني والإستراتيجي، أوضح أن "التصريح الذي أدلى به المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بخصوص حقوق الإنسان بالمغرب لا يستقيم مع حقيقة الأمر؛ فقد استحضر مهنة المتابع أمام العدالة كإعلامي، متجاهلا مضمون المتابعات القضائية المتعلقة بقضايا تدخل في إطار الحق العام". وشدد الطيار، في تصريح لهسبريس، على أن "تصريح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية شكل في مضمونه انزلاقا باعتماده على ما يردده طرف واحد من دفوعات، دون أن تتحرى الخارجية الأمريكية عن صحة هذه الدفوعات بالتنسيق مع السلطات المغربية، قبل التصريح بها". وقد سبق أن سقطت الخارجية الأمريكية في تناولها لحقوق الإنسان بالمغرب، في تقرير أصدرته سنة 2016، تضمن العديد من الأخطاء والمغالطات، استدعت على إثره السلطات المغربية السفير الأمريكي بالمغرب وبينت له بالحجة والدليل حجم المغالطات والأخطاء الواردة في التقرير وطلبت من الخارجية الأمريكية تجنب هكذا انزلاقات". وفي هذا الصدد، يشرح الطيار أن "تصريح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جعل الآلة الإعلامية الجزائرية تبتهج وترقص على رجل واحدة، خاصة أن الخارجية الأمريكية لم تتطرق إلى حجم الاعتقالات وتدهور حقوق الإنسان بالجزائر التي وصلت فيها الصراعات داخل أجنحة النظام العسكري إلى أن احتلت الرتبة الأولى عالميا في عدد الجنرالات القابعين في السجون". وعلى الرغم من أن تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية جانب الصواب ولم يواكب المجهود المتزايد الذي يقوم به المغرب في ترسيخ قيم حقوق الإنسان، يقول الطيار، "فإنه يسير في نفس مسار تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية خلال شهر مارس المنصرم والذي أدرج بشكل بارز إقليم الصحراء المغربية ضمن سيادة المغرب". واعتبر الخبير في الشأن الأمني والإستراتيجي أن "هذا التصريح لن تكون له أي تداعيات على متانة وقوة التنسيق الإستراتيجي القوي والمتنوع الذي يجمع المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية والذي سيتجسد أكثر فأكثر، خاصة بعد استكمال خطوات فتح القنصلية الأمريكية بمدينة الداخلة المغربية".