ظل السنة والشيعة على حقد وكره متأصلين، منذ مقتل آل الرسول، يكفر هؤلاء أولئك ويحتقر كل فريق إسلام الآخر ويعتبره مارقا مزورا لأصول التشريع، ولكن ظل أيضا كم هائل من النفاق والمهادنة بينهما حسب السياق المصلحي وتبعا لتحول مواقع الأعداء والأصدقاء. لا ندري إن كنا نستطيع اعتبار الحروب والمعارك التي خاضها الشيعة إلى جانب الإمام علي كرم الله وجهه، وبعد استشهاده، ضد الأمويين ثم ضد العباسيين، صراعا شيعيا سنيا أم أنها معارك تحالف سياسي؟ "" أذكر أنه أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كان كثير من السنيين في البلاد العربية يدعون للجمهورية الإسلامية بالانتصار على العلماني صدام حسين، ولا أذكر أيضا أن الإعلام الإيراني آنذاك أشعل فتيل الصراع المذهبي، فربما كان يستميل العرب السنة في حربه مع العراق، أين ستظهر المواجهة الشيعية السنية إذن؟ في العراق بعد سقوط صدام ودخول الأمريكيين، هل هي امتداد للحرب السابقة؟ هل هي ناتجة عن "انصياع" الشيعة للأوامر الأمريكية كما يدعي السنة ذلك؟ هل هي بكل بساطة صراع حول السلطة في العراق، الذي ستحكمه دون شك أغلبية شيعية؟ بشاعة القتل بين الشيعة والسنة في العراق تكشف عن عن وجه فظيع لهذا الصراع المذهبي الذي عمر أزيد من ثلاثة عشر قرنا، يخمد في الغالب ثم يلتهب، غير أن لهيبه في العراق تجاوز حدود المعقول، وأصبح نوعا من إرادة المحو والاجتثات والاستئصال. الحرب التي أشعلها حزب الله في لبنان أعادت الصراع السني الشيعي إلى الواجهة، وقد لاحظ المتتبعون لهذا الصراع أن "القاعدة" نفسها، التي تشن حربا مقدسة على الأمريكيين واليهود دون شروط، اشترطت أن يكون الرد على من يعتدي على لبنان دونتسمية لأطراف الصراع القائم هناك، وهذا ما يفهم منه ضمنيا أن القاعدة ستدافع عن لبنان بتجاوز حزب الله، أي أن حزب الله عدو مثل الآخرين، وبذلك يسدل الصراع السني الشيعي في العراق ظلاله على لبنان. الأصل في الأشياء أن يتحد المسلمون في كل بقاع الأرض، سنة كانوا أم شيعة، كلا الفريقين يؤمن بإله واحد وبرسول واحد وبنفس مصادر التشريع تقريبا، فلماذا هذا القتل المتبادل؟ والسبب الجلي في اعتقادي المتواضع هو التزمت في التأويل والتفسير، فقد ضيق المسلمون على أنفسهم حتى اعتبر بعضهم تارك الصلاة كافرا وجب قتله(المتطرفون في الصومال) ومن ثم فهم يمدون أيديهم للسلاح أكثر مما يمدون عقولهم للفهم والتحليل، وعسى أن تكون هذه من علامات الساعة. http://el-ouakili.maktoobblog.com