تباينت التخمينات والتحليلات التي حاولت تبرير قرار علي الفاسي الفهري مغادرته سفينة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فمَن قال إن الفهري تعرض ل"انقلاب" أفضى به إلى خارج "شِباك" الجامعة، ومن قال إن الفهري "عزل" نفسه بنفسه، بينما ذهب آخرون إلى تزكية مسوغات "الرئيس" الذي أعلن رغبته في إفساح المجال لوجوه جديدة.. واعتبر البعض بأن قرار الفهري عدم ترشحه لولاية جديدة على رأس جامعة الكرة، التي تأسست عام 1957 وترأستها منذ ذلك الحين شخصيات لا علاقة لها بالكرة باستثناءات، هو ترجمة لما شعر به الفهري من كونه لم يعد "مرغوبا فيه" بما يكفي ليقدم ترشحه، فاختار الرجوع إلى الوراء دون أن يفصح عن حقيقة دوافع سحبه للترشيح. وسارت تخمينات البعض إلى أن للملك محمد السادس اليد الطولي في إعلان مدير مكتب الماء والكهرباء بالمغرب خروجه من سباق الترشح لرئاسة جماعة الكرة، مدعمين رأيهم هذا بالحديث عن رغبة ملكية حاسمة في تجديد دماء هذا الجهاز الرياضي الحساس بالبلاد، اعتبارا لشعبية كرة القدم المتنامية عند المغاربة. تدخل الملك لإبعاد الفهري فنده بشكل مطلق وزير الشباب والرياضة محمد أوزين، عندما أكد في تصريحات سابقة لهسبريس بأن "الملك لا يتدخل في ترشح أحد، كما لا يتدخل في اقتراح أو انسحاب أحد"، نافيا أيضا تدخله كوزير للرياضة أو تدخل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، في ثني الفهري عن ولوج ولاية ثانية على رأس الجامعة. وزير الرياضة المغربي سار في ركب المسوغات التي قدمها الفهري نفسه، حيث صرح بأن الرجل اختار عدم الترشح "نظرا لالتزاماته المهنية الكبرى، كما أن ورش إصلاح كرة القدم يحتاج لمجهود وتفرغ تام"، وذلك في إشارة إلى أن الفهري منشغل بتدبير مؤسسة هامة تعنى بالماء والكهرباء في البلاد، علاوة على ارتباطات مهنية أخرى. هزائم المنتخب.. السبب ويبدو أن قَدَر الفهري لم يكن ليختلف عن أغلب سابقيه الذين تولوا دفة جامعة الكرة، حيث إن هزائم المنتخب المغربي لكرة القدم شكلت العوامل الرئيسية التي دفعتهم جميعا خارج رئاسة الجامعة، فالضغط الشعبي الذي يلي الهزائم المنكرة للفريق الوطني أرغمت عددا من رؤساء الجامعة على التخلي عن كراسيهم الوثيرة. البداية كانت من الراحل المهدي بلمجدوب الذي تسببت له هزيمة الفريق الوطني أمام الجزائر سنة 1979 في مغادرة منصبه، وأيضا إدريس باموس بسبب إقصاء المنتخب من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم بالسنغال في 1992، والحسن الزموري نتيجة هزائم "الأسود" في كأس العالم 94، ثم مغادرة حسني بنسليمان لأسوار الجامعة جراء الهزيمة أمام الغابون في الرباط. وجدير بالذكر أن الجامعة المغربية لكرة القدم، منذ إنشائها بعيد استقلال البلاد، ترأستها شخصيات لها علاقة إما بوزارتي الداخلية أو الدفاع، أو شخصيات سامية في الجيش، باستثناء حالات قليلة تولت فيها شؤون الجامعة شخصيات سبق لها أن مارست لعبة الكرة. وشغلت شخصيات عسكرية رئاسة الجامعة قرابة 26 عاما، فبين سنتي 1977 و1979 تولى المسؤولية الكولونيل المهدي بلمجدوب، ثم في الفترة الممتدة بين 1985 و 2009 توالى على تسيير الجامعة كل من الكولونيل إدريس باموس، والكولونيل ماجور الحسين الزموري، ثم الجنرال حسني بنسليمان الذي مكث في رئاسة الجامعة فترة قياسية.