لم تكن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم يوما مجرد مؤسسة عادية، ظاهرها يوحي بذلك أما خباياها تخفي العديد من الأسرار عن مؤسسة كان يتناوب على رئاستها أهم جنرالات الدفاع والداخلية. الاتحادات الرياضية في العالم بأكمله، تعد بالدرجة الأولى هيأة رياضية ثم مقاولة بالدرجة الثانية، مما يجعلها خاضعة في أغلب الأحيان إلى رئاسة رجال الأعمال وقدماء الرياضيين. علاقة الجامعة المغربية لكرة القدم يرجع ارتباطها برجال السياسة منذ تأسيسها، حيت كانت السلطة آنذاك هي التي تقوم بترشيح الشخص المناسب لهذا المنصب والذي كان غالبا ما تكون له علاقات بالحقل السياسي رغم عمله في مجال آخر، وهذا ما انطبق على كل من أحمد اليازدي، وعمر بوستة، و إدريس السلاوي، وأحمد مجيد بن جلون، والمعطي جورجي، وبدر الدين السنوسي، وأرسلان الجديدي، وعثمان السليماني، وعبد الكريم بن سليمان، اللذين تعاقبوا على رئاسة الجامعة حتى منتصف السبعينات. وفي عام 1977 ستنقلب الموازين، وستصبح هذه المؤسسة الرياضية مسيرة من طرف رجال الداخلية والدفاع، بدخول الكولونيل المهدي بلمجدوب، حيث كان أول شخص ينتمي إلى السلطة يصل إلى رئاسة الجامعة. عهده عرف بالصرامة وبتدخله في أدق التفاصيل، كما اشتهر بالنظرة الإستباقية وحدسه الكبير، حيث كان يتدخل في تشكيلة المنتخب ويقترح أسماء اللاعبين طيلة الفترة التي كان فيها على رأس المؤسسة، غير أن هزيمة المنتخب الوطني أمام الجزائر عام 1979 تسببت له في مغادرة منصبه. دون عودة. رحيل بلمجدوب عوضه إدريس باموس الذي تولى رئاسة الجامعة في أواسط الثمانينات. باموس كانت له إضافة كبيرة كونه لاعب سابق لفريق الجيش الملكي، وعميد سابق للمنتخب، لكنه استطاع أيضا أن يحكم الجامعة بقبضة من حديد، خاصة وأنه كان يتقلد منصب كولونيل، الذي وصل له من خلال إتمام دراسته بعد أن أنهى مشواره الكروي في أيام شبابه. فترة باموس تميزت بميلاد نجوم في سماء كرة القدم المغربية، وخلق منافسات جديد والتحفيز على الاهتمام بكرة القدم، لكن سرعان ما خرج من منصبه بسبب إقصاء المنتخب من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم بالسنغال في 1992. بعد إدريس باموس تولى رئاسة الجامعة الكولونيل ماجور الحسين الزموري الذي عرفت الكرة المغربية في عهده التأهل إلى كأس العالم 94 بالولايات المتحدةالأمريكية، لكن الإقصاء من نفس المنافسة عصف بالحسين الزموري بعيدا عن حسابات الجامعة، ووضع على رأسها قائدا آخر هو الجنرال حسني بنسليمان، هذا الأخير شهد له الإعلام المغربي بأزهى وأهم عصور كرة القدم كان خلال ولايته، فأولها تألق "أسود الأطلس" بكأس العالم 98 بفرنسا تحت قيادة الفرنسي هنري ميشيل والتي تعد آخر مشاركة للمغرب بالمونديال. كما أن ولاية حسني بنسليمان عرفت صعود الأسود حتى نهاية كأس إفريقيا 2004 بقيادة بادو الزاكي، وكذا فوز منتخب الشبان بكأس إفريقيا 97 وتأهله لكأس العالم بماليزيا، لتتواصل إنجازات الشبان بلعب نصف نهاية كأس العالم بهولندا 2005. الجنرال بنسليمان الذي ترأس الجامعة الملكية لكرة القدم لفترة قياسية، غادر منصبه بسبب هزيمة المنتخب المغربي ضد الغابون، لينتهي عهد الجنرالات مع تولي علي الفاسي الفهري هذا المنصب، حيث سيعيد الجامعة على أصلها وارتباطها برجال السياسة. ورغم وجود العديد من الانتقادات وتعالي العديد من الأصوات التي عارضت تدخل الجنرالات في الحقل الرياضي، إلا أن لغة الأرقام والانجازات أبانت على أن تسييرهم كان ناجحا وقبضتهم للمؤسسة نتج عنها تاريخ مشرف للكرة المغربية، لتدخل الجامعة هذا العام عصرا جيدا، وحكما مختلفا وحدها الأيام ستبرز مدى نجاعة انتخاب فوزي لقجع رئيس نهضة بركان خلفا على رأس هذه المؤسسة الرياضية، التي يمكنها أن تقلب المزاج العام، كما يمكنها أن "تٍفرح" الشعبي الأبي.