يتواصل الإجهاز على ما تبقى من التراث المعماري والتاريخي بمدينة العرائش؛ فبعد الإهمال الذي طال عددا من المآثر التاريخية بالمدينة، ما أدى إلى تداعي ما تبقى من أجزائها، وهدم بعضها، يتهدد الاندثار بناية موريسكية تتموقع وسط المدينة ذاتها، بعد أن نصبت جوارها يافطة تحمل إعلانا بتحويلها إلى مقر لمؤسسة بنكية. وتندد فعاليات ثقافية ومدنية عديدة بالعرائش ب"طمس" البناية المذكورة، وهي بناية موريسكية تعود إلى العهد الكولونيالي؛ بينما تلتمس جمعية اللوكوس للسياحة المستدامة بالمدينة ذاتها، في رسالة موجهة إلى عامل الإقليم، التدخل "لإيقاف هذا النزيف التاريخي". وتطالب الجمعية سالفة الذكر بالحفاظ على الواجهة المعمارية والتاريخية للبناية التي يتربص بها الهدم، وإعادة الاعتبار إليها وإلى باقي المعالم التاريخية بالمدينة؛ "لأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، والوطن لم يعد يسمح بطمس ومسخ تاريخه الإنساني المشترك ومتعدد الروافد". وينبع هذا الرفض الذي يجابه به قرار تحويل البناية التاريخية المذكورة إلى مقر لمؤسسة بنكية من كونه يتناقض والجهود التي يبذلها المغرب في سبيل الحفاظ على تراثه التاريخي المادي وغير المادي، والتي تتم برعاية الملك محمد السادس، الذي أصدر توصيات وتوجيهات للاعتناء بالمباني والمعالم التاريخية تضمنها المخطط الأزرق للسياحة بالمغرب. وتقول جمعية اللوكوس للسياحة والتنمية المستدامة في رسالتها سالفة الذكر إن المجلس الجماعي المسير لشؤون مدينة العرائش "ظل على نهجه القديم بإهمال المباني والمعالم التاريخية والاستمرار في الترخيص بهدمها وطمس تاريخ المدينة، التي تختزن جزءا من المغرب متعدد الثقافات والحاضن للمشترك الإنساني". ويوجه عدد من أبناء مدينة العرائش نداء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى كل من وزير الثقافة والشباب والرياضة ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، من أجل التدخل للحيلولة دون طمس البناية التاريخية الموريسكية التي يزيد عمرها على قرن من الزمن وتعد من أجمل المعالم التاريخية بهذه المدينة. ويؤكد الفاعلون الثقافيون والمدنيون أن دستور المملكة اعترف لأول مرة بالحضارة الأندلسية كأحد روافد الهوية المغربية، مشددين على رفضهم لأي محاولة لهدم البناية ذات المعمار المتميز، ومطالبين بصيانتها والحفاظ عليها. ولا يُمانع المعارضون لهدم البناية، التي طالها الإهمال لسنوات طويلة، من استغلالها في الداخل؛ ولكنهم يرفضون هدمها أو محو معالم واجهتها التاريخية، مؤكدين أن ذلك لا يضرب فقط مقتضيات الدستور ومخططات البلاد للحفاظ على التراث المادي وغير المادي، بل يضرب أيضا اقتصاد مدينة العرائش الذي يعتمد بالأساس على السياحة. ويشعر أبناء مدينة العرائش الرافضون لهدم البناية الموريسكية، التي حصلت الجهة التي تسعى إلى استغلالها على ترخيص بالهدم، ب"الغبن"، خاصة أن مدنا أخرى قريبة من مدينتهم، مثل طنجة، تشهد عمليات تأهيل وترميم المعالم التاريخية وإعادة الاعتبار للمعمار الكولونيالي، صيانة لتاريخه، وأيضا لجلب السياح الأجانب، في وقت أصبحت فيه عدد من الدول تولي أهمية كبيرة للسياحة الثقافية.