تنفيذا للتوجيهات الملكية الهادفة إلى إعداد مخططات قطاعية ووضع سياسة حكومية في مختلف المجالات، قدمت وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، اليوم الإثنين، مخطط المغرب المعدني 2021-2030، الذي يروم إعطاء دينامية جديدة للقطاع المعدني الوطني، وتعزيز وقعه على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. المخطط الجديد، الذي بموجبه تم تحيين الإستراتيجية التنموية الخاصة بالقطاع المعدني التي تم وضعها للفترة 2013-2025، لا يهدف فقط إلى الرفع من دينامية القطاع، بل جعله نقطة قوة للمغرب في التفاوض الإستراتيجي، سواء مع الدول أو الشركات العالمية الكبرى، خاصة أن عددا كبيرا من الصناعات الحديثة تعتمد في موادها الأساسية على المعادن الموجودة في المغرب. وقال عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة، في حفل إطلاق مخطط المغرب المعدني 2021-2030، اليوم الإثنين بالرباط، إن العالم يشهد تحولا كبيرا يتمثل في المعادن الإستراتيجية التي تشكل منعطفا كبيرا في الاقتصاد العالمي، مبرزا أن جزءا كبيرا مما تشهده الصناعات الحديثة، مثل الطاقات المستقبلية والتكنولوجيا الجديدة، يوجد في المغرب، وأن المملكة تواكب التحول الكبير الذي يشهده العالم في هذا المجال. وأكد وزير الطاقة والمعادن والبيئة أن من الرافعات الأساسية لمخطط المغرب المعدني جعْل الثروة المعدنية ورقة رابحة في مجال التفاوض الإستراتيجي مع الدول والشركات العالمية الكبرى، وكذا الشركات التي تصنّع في المغرب، لافتا إلى أن المعادن التي تتوفر عليها المملكة ستكون فرصة لتعزيز الصناعة الوطنية في عدد من المجالات، مثل صناعة السيارات والطائرات والإلكترونيات وغيرها. ويأتي إطلاق مخطط المغرب المعدني 2021-2030 بعد عملية إعادة هيكلةٍ واسعة خضع لها قطاع المعادن من أجل استثمار الثروة المعدنية على نحو أمثل، وإضفاء الشفافية على الاستثمار، إذ تم سحب أزيد من 3400 رخصة من شركات ثبتت عدم فعاليتها، ومُنحت 2400 رخصة جديدة؛ "حتى نمكّن الشركات التي تشتغل بحقّ، وليس التي تتوفر فقط على أوراق، من الاستثمار في هذا القطاع"، يقول الوزير الرباح. واعتبر المسؤول الحكومي ذاته أن الاستثمار في قطاع المعادن له خصوصية، لأنه يتعلق بجغرافية "وليس مثل فتح مصنع، إذ إن أقلّ رخصة استغلال تمتد لأربعة كيلومترات على أربعة، وأحيانا تصل مساحة الاستغلال إلى إقليم أو إقليمين"، مؤكدا أن هناك أيضا مخططا لإصلاح تشريعي بهدف تشجيع الاستثمار الوطني والدولي في قطاع المعادن بالنسبة للشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة. وأضاف الوزير أن الإصلاحات التي يشملها مخطط المغرب المعدني تشمل أيضا إعادة النظر في البنية المؤسساتية، مشددا على أن المؤسسات "لا بد أن تتقوى إلى جانب المكتب الشريف للفوسفاط، الذي يدخل موجة ثانية بعد النجاح الذي حققته الموجة الثانية". ويمتلك المغرب حوالي 70 في المائة من احتياطات الفوسفاط في العالم، ويتوفر على صناعة فوسفاطية متطورة، ما جعله المصدّر الأول لهذه المادة على الصعيد العالمي؛ كما يحتل مكانة بارزة في استغلال المواد المعدنية الأخرى، إذ يحتل الرتبة 19 عالميا والأولى إفريقيا في استغلال معدن الفضة، ويحتل الرتبة السابعة عالميا والثانية إفريقيا في استغلال معدن الفليورين، ويحتل الرتبة الثالثة عالميا والأولى إفريقيا في استغلال الباريتن. ويُعتب القطاع المعدني من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، إذ يساهم بما بين 7 و10 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي، ومثّلت مساهمته في الصادرات الوطنية 21.7 في المائة من حيث القيمة سنة 2020. ويرتكز مخطط المغرب المعدني 2020-2021 على أربعة محاور إستراتيجية، وهي تطوير نسيج تنافسي مع الفاعلين، وإعادة التنظيم المؤسساتي للقطاع، وتعزيز وقعه الاجتماعي وطابعه المسؤول والمستدام، وتكييف الإطار التشريعي والآليات التمويلية والضريبية للطموحات الجديدة الخاصة به.