محكمة الاستئناف بالرباط تفتتح السنة القضائية بتثمين "تصفية الملفات المزمنة"    فريق "الباطرونا" بمجلس المستشارين يرفض "ابتزاز أرباب الأعمال" متحدثا عن "إفلاس مقاولات بسبب الإضراب"    المغرب وموريتانيا يوقعان على مذكرة تفاهم في قطاعي الكهرباء والطاقات المتجددة    الحكومة تكشف حصيلة "مخالفات السوق" وتطمئن المغاربة بشأن التموين في رمضان    البطولة: النادي المكناسي ينجو من الهزيمة أمام الجيش الملكي بتعادل مثير في رمق المباراة الأخير    لوس أنجليس.. حرائق جديدة تجبر على إجلاء عشرات الآلاف من الأشخاص    بايتاس : الشائعات حول التلقيح تزيد من تفشي داء الحصبة    أمن فاس يُطيح بمحامي مزور    إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب.. وزارة الصحة تواصل تنفيذ التزاماتها بخصوص تثمين وتحفيز الموارد البشرية    مجلس النواب يعقد جلسته العمومية    فيلم "إميليا بيريز" يتصدر السباق نحو الأوسكار ب13 ترشيحا    بايتاس ينفي تأثر "الانسجام الحكومي" ب"تراشقات" قيادات أحزاب التحالف ويرفض فرض الوصاية على الفضاء السياسي    الجزائر تسلم 36 مغربيا عبر معبر "زوج بغال" بينهم شباب من الناظور    سبع سنوات سجنا لطالب جامعي حرض على "ذبح" أحمد عصيد    مجلس الحكومة يصادق على تعيين عميد جديد لكلية العلوم بتطوان    المغرب يستعد لاستضافة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025 وسط أجواء احتفالية    المغرب يتألق في اليونسكو خلال مشاركته باليوم العالمي للثقافة الإفريقية    الجديدة…زوج يق.تل زوجته بعد رفضها الموافقة على التعدّد    هناء الإدريسي تطرح "مكملة بالنية" من ألحان رضوان الديري -فيديو-    مصرع طفل مغربي في هجوم نفذه أفغاني بألمانيا    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    لحجمري: عطاء الراحل عباس الجراري واضح في العلم والتأصيل الثقافي    تفشي فيروس الحصبة يطلق مطالبة بإعلان "الطوارئ الصحية" في المغرب    هل فبركت المخابرات الجزائرية عملية اختطاف السائح الإسباني؟    أغلبها بالشمال.. السلطات تنشر حصيلة إحباط عمليات الهجرة نحو أوروبا    حموشي يؤشر على تعيين مسؤولين جدد بشفشاون    مانشستر سيتي يتعاقد مع المصري عمر مرموش حتى 2029    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    المغرب يلغي الساعة الإضافية في هذا التاريخ    برقاد: آفاق "مونديال 2030" واعدة    المغرب الفاسي يعين أكرم الروماني مدرباً للفريق خلفا للإيطالي أرينا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    حادث سير يخلف 3 قتلى في تنغير    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    ريال مدريد يجني 1,5 ملايير يورو    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    دوري لبنان لكرة القدم يحاول التخلص من مخلفات الحرب    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    بوروسيا دورتموند يتخلى عن خدمات مدربه نوري شاهين    الدار البيضاء ضمن أكثر المدن أمانا في إفريقيا لعام 2025    إحالة قضية الرئيس يول إلى النيابة العامة بكوريا الجنوبية    هذا ما تتميز به غرينلاند التي يرغب ترامب في شرائها    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    إسرائيل تقتل فلسطينيين غرب جنين    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل منظور جديد للعمل القنصلي
نشر في هسبريس يوم 11 - 07 - 2013

ككل سنة ، تشهد وزارة الشؤون الخارجية والتعاون حركة قنصلية جديدة يتم خلالها تعيين مجموعة من القناصل العامين الجدد والتي تدخل في إطار الحركة الدبلوماسية والقنصلية التي تشهدها الوزارة كل سنة .
والذين مارسوا العمل الدبلوماسي والقنصلي ، يدركون حق الإدراك مدى أهمية العمل القنصلي ومدى العلاقة العضوية التي تجمع بينهما باعتبار أن هذا الأخير يعتبر رافعة أساسية ودعامة قوية للعمل الدبلوماسي بمختلف أبعاده .
ذلك أن المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج والذين يناهز عددهم اليوم حوالي 4 ملايين مواطن مسجلين ببعثاتنا الدبلوماسية ومراكزنا القنصلية يشكلون اليوم قوة اقتراحية هامة ولهم وزنهم سواء على الصعيد الوطني أو في دول الإقامة ولهم أيضا مكانتهم الخاصة على مستوى العلاقات الدبلوماسية .
ولكن يجب أن لا ننسى أيضا أن هذه الجالية المغربية أصبحت لها كذلك طموحات جديدة وانتظارات كبرى تتماشى ومستوى الأوراش الوطنية الهامة التي شهدتها بلادنا خلال العشر سنوات الأخيرة ،وهو ما يحتم علينا اليوم ضرورة التفكير في منظور جديد للعمل القنصلي يأخذ بعين الاعتبار خصوصية الأجيال الجديدة بثقافتها ورهاناتها المستقبلية والتعاطي مع مشاكلهم القنصلية والاجتماعية والإدارية بما يستجيب لمتطلباتهم ويعطي أجوبة آنية وعملية لأسئلتهم المطروحة .
نعم ،هناك إصلاحات قنصلية أنجزت على مدى السنوات الأخيرة موازاة مع الأوراش الوطنية الكبرى التي عرفها المغرب أمثال قانون الحالة المدنية ومدونة الأسرة وتعديل قانون الجنسية والجواز البيومتري والبطاقة الوطنية الالكترونية وكلها تصب في خدمة هموم ومشاكل الجالية المغربية في الخارج ،وكان فيها لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون النصيب الأوفر في إنجازها وتأمين تطبيقها ومتابعة تنفيذها عبر بعثاتنا الدبلوماسية ومراكزنا القنصلية بالخارج .
ولعل من بين هذه الإصلاحات ، والتي لم يتم التعريف بها في حينها بالقدر الكافي :
تأهيل وتحديث المراكز القنصلية بالخارج
خلق مراكز قنصلية جديدة من خلال عملية إعادة التقطيع القنصلي
إعداد وتنفيذ مخطط العمل القنصلي للفترة ما بين 2005 و2010 والذي كان يستهدف التوصل إلى القنصلية النموذجية .
تعميم النظام المعلومياتي الخاص بالعمل القنصلي لدى جميع البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية بالخارج .
إنشاء نظام التمويل الذاتي من أجل تحديت وعصرنة المراكز القنصلية يستهدف تقديم خدمات أفضل لفائدة الجالية المغربية.
وضع دليل قنصلي رهن إشارة الجالية المغربية في الخارج .
ولكن علينا كذلك أن نعترف أنه لازالت هناك نقائص في العمل القنصلي يجب تغطيتها بالمراكز القنصلية باعتبار أن هذه المراكز هي وجه المغرب وهي قبلة كل مغربي في الخارج مقيما كان أو عابرا وهي في النهاية جزء من ترابه المغربي ، وبالتالي فمن الضروري التوقف عند هذه النقائص التي لازالت قائمة والتأمل فيها بدقة رغبة في الاصلاح والتغيير نحو الأفضل .
وفي نفس ،السياق يجب التأكيد على أنه لا يمكن اختزال العمل القنصلي في مجموعة من المساطر الإدارية أو الخدمات القنصلية فحسب باعتبار أن ذلك يعتبر من وظيفة العمل القنصلي ومن المهام المنوطة بالمراكز القنصلية وبالعاملين في هذا القطاع الهام انطلاقا من أن العمل القنصلي أصبحت له اليوم مهام جديدة تتجاوز بكثير الدور الكلاسيكي الذي كانت تقوم به المراكز القنصلية منذ خمسين سنة لتجد نفسها منذ أحداث شتنبر 2001 أمام أدوار جديدة.
فرضتها مشاكل دولية عدة من بينها مشكل الهجرة ومشكلة الإرهاب وتبعاتهما وهو ما دفع المغرب إلى اتخاذ مجموعة من التدابير القانونية في حينها وكذا تحيين العديد من التشريعات الوطنية لتلائم الوضع العالمي الجديد .
كل هذا وذاك جعل العمل القنصلي في أمس الحاجة إلى منظور جديد لمعالجة المشاكل الأساسية التي تواجه المغاربة المقيمين في الخارج معالجة حكيمة وآنية ومن بينها :
إشكالية الثقافة والهوية لدى أجيالنا الجديدة.
تقوية التواصل مع الجمعيات المغربية وحثها عل القيام بدورها الوطني على الوجه الأكمل من خلال إشراكها في جميع الأوراش الوطنية (المجتمع المدني).
إشكالية المشاركة السياسية للجالية المغربية في الخارج
كيفية التعامل مع الكفاءات المغربية في الخارج والاستفادة من تجربتها وخبرتها مع دول الاقامة وغيرها من الاشكاليات المطروحة .
إن المنظور الجديد للعمل القنصلي يتطلب اليوم ضرورة تحرير قطاع العمل القنصلي وتوسيع هامش المبادرة والمسؤولية للقائمين على المراكز القنصلية سواء اتجاه الجالية المغربية أو في اتجاه المسؤولين بدول الإقامة بشكل يسمح لهم بالتواصل الدائم مع الأجيال الجديدة من جاليتنا والاستماع إليها ومحاورتها بلغة جديدة تشفي غليلها وتجيب عن تساؤلاتها .
ولاشك أن هذا المنظور الجديد يتطلب ثقافة جديدة قبل كل شئ تستوعب الاقتناع بضرورة التغيير والإصلاح إلى جانب ما يتطلبه الأمر من إمكانيات مادية وبشرية تساعد على الرقي بالعمل القنصلي من خلال إعداد أطر متخصصة تتميز بالكفاءة والمهنية وتوفير المناخ الملائم في المجال القنصلي.
هذا المنظور الجديد هو الذي يحتم علينا اليوم توظيف آليات جديدة لتطوير العمل القنصلي في مجالات متعددة نسرد من بينها على سبيل المثال مايلي :
إن موضوع تعيين القناصل العامون يعتبر من المواضيع الأساسية التي يجب أن تدخل ضمن إطار المنظور الجديد للعمل القنصلي وفق معايير حديثة تحترم أصول وقواعد العمل القنصلي وتضمن الشفافية والمصداقية للراغبين في ولوج السلك القنصلي ،إذ أنه من الصعب تعيين قنصل عام بدون مرجعية قنصلية لتأطير وتسيير المراكز القنصلية في وقت يتم فيه تعيين قناصل عامون بدرجة سفير من طرف العديد من الدول العربية والأوروبية .
وفي نفس السياق ، إن هذا القنصل العام الذي نسعى أو نطمح للوصول إليه هو القنصل العام الجديد للقرن 21 الذي يستجيب في تكوينه وشخصيته للمتغيرات الدولية لتشمل بالإضافة إلى الجانب الدبلوماسي البعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتواصلي ....الخ
ثانيا :ضرورة وضع قرارات تحفيزية من طرف الادارة تشجع الأجيال الجديدة على الانخراط في السلك القنصلي منذ بداية مساره الدبلوماسي .
ثالثا : ضرورة العمل بالمخطط المستقبلي للموظف الدبلوماسي والقنصلي (Plan de carrière)والذي يوضح له الرؤيا المستقبله ومساره الدبلوماسي
رابعا :العمل على إحياء ندوة القناصل التي كانت تنظم بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون في الفترة ما بين 2005 و2009والتي كانت تشكل ثقافة جديدة وفضاء راقيا للحوار والنقاش ما بين مختلف الشركاء والفاعلين في المجال القنصلي وبحضور كافة المسؤولين بالوزارة ،مع اقتراح تطوير هذه الندوة لتشمل زيارات ميدانية للعديد من القطاعات ذات العلاقة بالدور الجديد للقنصل العام .
خامسا :إن البعد الاجتماعي للعمل القنصلي يقتضي إعطاء أهمية قصوى للمصالح الاجتماعية المتواجدة بالمراكز القنصلية بأكملها وذلك من خلال إعداد وتكوين وتعيين ملحقيين اجتماعيين يتوفرون على الكفاءة والخبرة اللازمتين لهذه المهمة الشاقة والمحورية في العمل القنصلي على غرار ما يجري به العمل حاليا بالنسبة لضباط الحالة المدنية وأعوان الثوثيق .
سادسا : إن هذا المنظور الجديد لن يحقق الأهداف المتوخاة منه دون اعتماد برنامج حديث للتكوين الدائم والمستمر من خلال دورات متخصصة تأخذ في عين الاعتبار جوانب متعددة لتشمل جانب المعلوميات والأوراش القنصلية الجديدة وأهمية التواصل والعلاقات العامة في المجال القتصلي يمكن الأعوان القنصليين من تحيين معلوماتهم ويستجيب في نفس الوقت لمتطلبات هذا المنظور الجديد .
سابعا : التأكيد على ضرورة تحقيق القنصلية النموذجية التي تم إقرارها بمخطط العمل القنصلي (2005-2010والتي لايتعدى عددالمسجلين بها 60.000نسمة وذلك من خلال إعادة النظر في الخريطة القنصلية المعمول بها حاليا في أوروبا على وجه الخصوص و خلق قنصليات جديدة تساعد على تقريب الادارة من المواطنين المغاربة ولكن أيضا لتخفيف العبئ على بعض المراكز القنصلية التي تعرف ضغطا كبيرا على مستوى الدائرة القنصلية يصل أحيانا ما بين 90.000 و120.000 مسجل.
ثامنا : وأخيرا إن هذا المنظور الجديد أيضا يستوجب التفكير في إعادة النظر في الوضعية الإدارية للقنصل العام وخاصة في مرحلة التقاعد من خلال ترسيمها كدرجة إدارية ضمن النظام الهيكلي للوزارة وليس كمهمة تنتهي بانتهاء المسؤولية للقنصل العام ليعود إلى إطاره الإداري الأصلي كوزير مفوض بتقاعد لايرقى إلى مستوى المهمة السامية والمشرفة التي كان يقوم بها القنصل العام أثناء تمثيل وطنه في الخارج .
وخاتمة القول ،إنه بقدر ما نحن نحتاج اليوم إلى نظرة جديدة من الاصلاحات في المجال القنصلي ، فإننا في حاجة كذلك إلى جيل جديد مؤهل من الدبلوماسيين من ذوي الكفاءات والخبرة والمهنية لسد الفراغ القائم في هذا المجال دونما إقصاء لأولئك الذين راكموا تجربة طويلة في المجالين الدبلوماسي والقنصلي.
*وزير مفوض
قنصل عام سابق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.