يتجدد خلال شهر رمضان الحالي، مثل السنوات القليلة الماضية، جدل سياسي وديني يتعلق باكتساح تمور إسرائيلية للأسواق المغربية، حيث يجد المواطن نفسه أمام تمور إسرائيلية من أصناف كثيرة ذات جودة عالية تجعل الإقبال عليه كبيرا من طرف الزبناء الذين لا ينتبهون إلى مصدر تلك التمور، أو بسبب التحايل في عرض تلك السلع الإسرائيلية. وتتميز التمور الإسرائيلية، من نوع "المجهول كامبو" أو "الدغلة" وغيرهما، والتي تدخل البلاد أحيانا عن طريق أوروبا واسبانيا خاصة، بأسعارها المنخفضة التي تكون في متناول جيب المواطن المغربي، مقارنة مع أسعار التمور الأخرى، ما يفسر الحضور الطاغي لمثل هذه التمور على موائد الإفطار. وتثير هذه التمور الإسرائيلية حفيظة العديد من المغاربة الذين يتحرجون من أكل تمرات قادمة من بلد لا يتورع في التنكيل بالفلسطينيين وقصفهم وانتهاك حقوق الإنسان هناك بذرائع شتى، فيما يتوزع التجار بين من يعمد إلى إخفاء مصدر هذه التمور، وبين من لا يجد حرجا في بيعها مادامت مجرد تمور مثل تمور باقي البلدان. وتعليقا على رواج التمور الإسرائيلية في عدد من الأسواق المغربية، شدد محمد بنجلون الأندلسي رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفسلطيني، في تصريحات هاتفية لهسبريس، على أنه لا يتعين على المسلم الإفطار بما هو مُحرم. تمور حرام وأضاف الأندلسي بأن استهلاك منتوجات إسرائيلية في شهر رمضان، وحتى في غير رمضان، هو أمر محرم شرعا وواقعا ومنطقيا على كل من يدافع عن القضية الفسلطينية، وكل من يحمل ذرة من الإيمان بعدالة هذه القضية، ويدرك مدى فداحة الآلة الصهيونية الجهنمية التي تقتل الشعب الفلسطيني هناك. وأوضح الأندلسي بأن وجود هذه التمور في الأسواق المغربية يفضح التطبيع التجاري والاقتصادي بين المغرب وإسرائيل، مطالبا الحكومة بالعمل على إيقاف ترويج هذه التمور داخل الأسواق المحلية، وأيضا إلى ضرورة عدم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بأي وجه كان. ولفت المتحدث إلى طرق التحايل التي يتم إتباعها من أجل إخفاء هوية هذه التمور ومصدرها، مؤكدا بأن جمعيته وكافة الهيئات الداعية لعدم التطبيع مع إسرائيل تناهض هذا التحايل على الشعب المغربي، وتعتبره تآمرا على المغاربة، وذرا للرماد في عيونهم". وطالب المتحدث الدولة بالانخراط في مجال القطع مع إسرائيل ومناهض التطبيع الاقتصادي معها، باعتبار أن الدفاع عن القضية الفلسطينية يتم عبر جميع الوسائل، ولعل أبرزها مقاومة التطبيع مع هذا الكيان الغاصب" يقول الأندلسي. وكان "غزو" التمور الإسرائيلية للأسواق المغربية قد أثار انتقادات علماء دين مغاربة، من بينهم عالم مقاصد الشريعة أحمد الريسوني الذي أفتى بالقول: "التمور الإسرائيلية شأنها شأن كل البضائع الإسرائيلية لا يجوز اقتناؤها ولا دفع ثمنها، كما لا يجوز للمسلم الاتجار فيها، فشراؤها حرام، وعرضها للبيع حرام، وبيعها فعلا حرام، وربحها حرام". وعزا الريسوني هذه الحرمة إلى أن هذه التمور "منتجات غصبها الإسرائيليون من أصحابها الأصليين"، وهم الفلسطينيون، وأيضا إلى كون "شراء البضائع الإسرائيلية هو دعم وتمويل لكل الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في فلسطين وما حولها".