تعددت مؤخرا على صفحات الجرائد والمواقع الإليكترونية المغربية، المناداة بالتغيير والإصلاح الديموقراطي المبني على إصلاح العدل ،القضاء على الرشوة والمحسوبية وغيرهم من الآفات اللواتي تنخر جسد وطننا الحبيب وتجعله يتعثر في التقدم وتشده بقوة إلى الخلف. "" إلا أن كل ما سبق ذكره ليس وليدة اللحظة أو هي رياح هبت على مجتمعنا في الأشهر الأخيرة. المتصفح للجرائد القديمة والتي يعود تاريخها لسنين مضت سيكتشف بأنها تحبل بمواضيع ومشاكل لازلنا نعاني منها حاليا ،مما يدل على أننا نجتر مشاكلنا وندور في حلقة مفرغة، ولا نحرز أي تقدم إيجابي يمكننا من حل جدري ،على الأقل، لمشكلة واحدة من المشاكل الكثيرة التي نعاني منها. وهنا يجب علينا أن نتوقف لحظة للتأمل حتى لا تأتي سنين عجاف أخرى ،ونفاجأ بأننا لازلنا واقفين بمكاننا نردد نفس الشعارات . مطالبنا منذ عشرات سنين تتمحور حول مجموعة النقط التي لا تزيغ عن وظائف لشبابنا العاطل، تحسين قطاع التعليم ،قطاع الصحة ،الاستفادة من خيرات البلاد رفع الأجور،الأسعار ،وقف نزيف نهب المال العام وقف قمع السلطة ،حرية الرأي ،...الخ . لن يغير شيئا من الواقع المر الذي نعيشه ،تغير شرذمة من الانتهازيين ،والأميين القابعين في مواقع المسؤولية والذين يعملون ليل نهار على تحسين وضيعتهم وتضخيم أرصدتهم البنكية القابعة في بنوك دول أوربا، أرصدة يجهلون هم أنفسهم كم تختزن لكثرة التحويلات ،شعارهم في الحياة (أنا وبعدي الطوفان( ، دعائهم إلى الله (اللهم أغنيني أنا وبس ( . إزالة مجموعة من الأفراد يستوجب وضع بديل لها وغالبا ما سيكون أكثر إجراما من الفئة الأولى . فالحكمة تقتضي منا قبل إصلاح ما سبق ذكره أن نبادر بتنظيف القاعدة التي تعج بملايين المنحرفين من باعة المخدرات ،لصوص ،أوكار الفساد ،الخيانة بجميع أنواعها، التواكل ،غط البصر عن المنكر، الأنانية..... وغيرهم من الأوبة التي وشمت قاعدة المجتمع بنقط سوداء ،أصبح معها وجهها مشوها بشيع المنظر من جميع النواحي . القاعدة تعيش لحظات رهيبة كالتي تمر بها الزرافة عندما تفتح أطرافها الأربعة وتلمس ببطنها الأرض وتحني عنقها الطويل ليلامس الماء وتغدو وجبة جاهزة لأي أسد محظوظ. وحتى لا أكون تشاؤميا إلى حد بعيد ،أحب أن أذكر بأن مجموع الأفراد الذين يشكلون الجهة الفاسدة في المجتمع لا يتعدون واحد في المائة ،أي أن وسط كل مائة فرد صالح يركن فرد سيئ يقوم بأعمال تندى لها الجبين . فرد واحد يستغل عدم توحيد، 99 % الباقية ،في الرأي والقرار ،مما يخلق له الفضاء المناسب ليزيد في تعنته وجبروته ويعمل جاهدا على إفساد أبنائنا وبناتنا والقضاء على مستقبلهم أمام أعيننا كما أن الأمر لا يعنينا . من المؤسف أن نقرأ على صفحات الجرائد يوميا بأن شخصا واحدا يهدد أمن حي بأكمله ،وكأن ذلك الحي تسكنه مجموعة من النسوة والكهول والأطفال ،مكتفين بوضع أيدينا على صدورنا منتظرين الفرج من جهات أخرى . عندما نتحد فيما بيننا ونقاوم الفساد المنتشر وسطنا و الذي يقض مضاجعنا ،ونعلن أمامه استسلامنا مكتفين بتغير المكان . عندما نعلن استعدادنا للقيام بحملة تنظيف في حينا من الأوباش والصعاليك الذي يتربصون بنا نهارا وعلى قارعة الشارع العام. عندما نزرع في أنفسنا روح التكافل والتضامن في ما بيننا ،ونساعد بعضنا البعض. عندما نتوقف ثانية واحدة عن البكاء على اللبن المسكوب،وجعل المسؤولين وأولي الأمر منا شماعة نعلق عليها فشلنا في تغيير الفساد الذي يعم محيطنا. عندما نفكر في توحيد جهودنا وتشكيل قوة في مواجهة الفساد والظلم . عندما نتسلح بالشجاعة الكافية لانتقاد أنفسنا أولا قبل انتقاد الغير . وقتها يمكننا أن نفكر بإصلاح القمة ،لأن القاعدة هي الأساس وتنظيفها يتطلب مجهودا ووعيا تاما . وإلى أن يتحقق ذلك أقول لكم رمضان مبارك وكل عام وأنتم بألف خير. يوسف كرمي موقع الفن السابع المغربي