بعدما تسبب في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين الرباط ومدريد، وصل زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، في ساعات مبكرة من اليوم الأربعاء، إلى مطار الجزائر العاصمة قادما من إسبانيا رفقة بعض قيادات التنظيم الانفصالي، على متن طائرة فرنسية الصنع استأجرتها الرئاسة الجزائرية (قصر المرادية). وغادر إبراهيم غالي مستشفى "سان بيدرو" في "لوغرونيو" حوالي الساعة التاسعة ليلا من أمس فاتح يونيو الجاري، وذلك بعدما كان قد وصل إلى المدينة الإسبانية بتاريخ 18 أبريل للعلاج من "كوفيد-19" بطريقة مثيرة تسببت في هدم الثقة بين المغرب وإسبانيا. ومباشرة بعد تسرب خبر سماح إسبانيا بمغادرة إبراهيم غالي عقب مثوله أمام قاضي التحقيق وعدم اتخاذ أي إجراءات لمنعه من السفر، حجت مختلف وسائل الإعلام الإسبانية والدولية إلى المطار، لكن الشرطة الإسبانية أغلقت في حدود الساعة الحادية عشر ليلا بوابات المطار ومنعت الصحافيين من تصوير لحظة مغادرة غالي والوفد المرافق له. وذكرت مصادر إعلامية إسبانية أن الجزائر خططت لمغادرة زعيم البوليساريو بمجرد أن أدلى بشهادته أمام قاضي التحقيق، وهو ما يظهر من خلال وصول طائرة جزائرية تزامنا مع مثوله أمام المحكمة لكنها عادت أدراجها إلى الجزائر بعد منعها من الهبوط من قبل السلطات الإسبانية، لأنه لم يكن لديها إذن للتحليق فوق الأجواء الإسبانية. وأفادت وزارة الخارجية الإسبانية، ليلة الثلاثاء، بأن زعيم جبهة البوليساريو وصل إلى بلادها في "حالة حرجة وتم نقله لأسباب إنسانية"، مشيرة إلى أنه خرج من المستشفى ويخطط للسفر من مطار بامبولنا نوين شمال إسبانيا، وقالت إن "حريته في التنقل غير مقيدة"، مضيفة أنه "حمل وثائقه التي دخل بها إسبانيا وغادر"، وأنها "أشعرت السلطات المغربية عبر القنوات الدبلوماسية بمسألة مغادرته التراب الإسباني". وقال جليل محمد، القيادي الانفصالي المتحدث باسم الجبهة، إن إبراهيم غالي "وصل سالما إلى الجزائر"، مضيفا أنه سافر إلى الجزائر من مدينة بامبلونا بشمال إسبانيا في الساعة الواحدة وأربعين دقيقة بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، على متن رحلة طائرة خاصة مستأجرة. ولم يعلق المغرب إلى حدود اللحظة على مغادرة زعيم البوليساريو إسبانيا، لكنه أكد عشية مثوله أمام المحكمة العليا الإسبانية أنه لا يرى في مثول أو عدم مثول غالي أمام المحكمة أساس الأزمة الخطيرة التي تعصف حاليا بالعلاقات بين البلدين الجارين. وأوضحت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في تصريح صحافي الاثنين، أن "جذور المشكلة في الواقع تتمثل في الثقة التي انهارت بين الشريكين"، مردفة أن "الأصول الحقيقة للأزمة تعود إلى الدوافع والمواقف العدائية لإسبانيا في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، وهي قضية مقدسة عند المغاربة قاطبة". وأضافت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن هذه الأزمة "غير مرتبطة باعتقال شخص أو عدم اعتقاله"، مشيرة إلى أنها "لم تبدأ مع تهريب المتهم إلى الأراضي الإسبانية ولن تنتهي برحيله عنها؛ الأمر يتعلق بثقة واحترام متبادل جرى العبث بهما وتحطيمهما، إنه اختبار لمصداقية الشراكة بين المغرب وإسبانيا".