لأول مرة في تاريخ الوعظ والإرشاد بالمغرب، تتوجه إلى أوروباتسع واعظات ومرشدات عبرخمس دول غربية لتقديم دروس وإرشادات لأفراد الجالية المغربية بالخارج خلال شهر رمضان المعظم، ضمن برنامج وزارة الأوقاف المغربية الموجه لأوروبا. وبلغ مجموع الوفد الديني المغربي 176 واعظا وواعظة ومشفعا، أي إماما لصلوات التراويح، موزعين على 13 دولة. "" وحسب وزارة الأوقاف المغربية فإن هذه العملية يراد منها "إمداد الجالية المغربية في الخارج بما تحتاجه في حياتها الدينية، وصونها من الخطابات المنحرفة والشاذة". كما تسعى لربط الجالية بأصولها المغربية وعقيدتها الأشعرية ومذهبها المالكي. فرنسا بالدرجة الأولى ويشترط في المرشحين لهذه المهمة "التمكن من العلوم الشرعية تمكنا يساعدهم على حسن الأداء وحصول الإفهام، والاستقامة وحسن الخلق". أما أئمة الصلوات فيشترط فيهم بالإضافة للشروط السابقة، "الحفظ المتقن برواية ورش عن نافع والصوت الحسن والإلمام الجيد بأحكام التلاوة". وحازت فرنسا حصة الأسد في عدد المؤطرين الدينيين نظرا لوجود العدد الأكبر من المغاربة المهاجرين بها، إذ خصص لها مائة مؤطر، متبوعة ببلجيكا بواحد وثلاثين مؤطرا، وإيطاليا وألمانيا بعشرة مؤطرين لكل منهما، وإسبانيا وهولندا بسبعة لكل منهما، وواعظين لكل من الدانمارك والسويد والنرويج وفنلندا، وواعظ لكل من سويسرا وإنجلترا وكندا. وبلغ مجموع الواعظات تسع من بين 44 واعظا. ثلاث منهن توجهن إلى فرنسا، وواعظتان إلى كل من بلجيكا وإسبانيا، وواعظة واحدة لكل من بلجيكا وإسبانيا وهولندا. دعاية للمغرب وكان المغرب قد شرع في تكوين واعظات ومرشدات منذ أربع سنوات للقيام بمهام التأطير الديني بالمساجد بين صفوف النساء، وصرف لكل واحدة منهن منحة 2000 درهم أثناء فترة التكوين، ومبلغ 4000 درهم بعد التخرج. وقد وزعت الخريجات على المندوبيات التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، غير أن بعضهن أنيطت بهن مهمة مراقبة أنشطة الوعظ والإرشاد بالمساجد ومدى التزام الوعاظ والمرشدين بالبرامج المعلنة. في تقييم الباحث في شؤون الحركات الدينية بالمغرب رشيد مقتدر، فقد حققت هذه العملية للمغرب دعاية جيدة بالخارج، وقدمته بصورة حسنة في الأوساط الإعلامية والسياسية والدينية. وأوضح مقتدر في حديث للجزيرة نت أن المجالس العلمية تستقبل ممثلين متتابعين لإذاعات وقنوات وصحف غربية تريد تقديم التجربة لمشاهديها. وبالفعل، كانت صحيفة أندبندنت قد أشادت بالتجربة المغربية في مجال الإرشاد الديني النسائي وحثت الحكومة البريطانية على أن تحذو حذو المغرب. غير أن هذه التجربة على حداثتها لا تخلو من ارتباك وجوانب قصور، ذكر منها رشيد مقتدر غياب رؤية واضحة منذ البداية لوظيفة هؤلاء المرشدات، فلما وضعن رهن إشارة المندوبيات، كلفن بمهام إدارية بحتة الأمر الذي يتعارض مع تكوينهن الميداني بالمساجد والتجمعات العامة. مراعاة الواقع الغربي أما بالنسبة للواعظات والمرشدات إلى الديار الغربية، فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا، إذ إن الإحاطة بواقع الجاليات المغربية بالدول الأوروبية أمر أساسي وضروري في رأي مقتدر، ولا يكفي وعظ الناس بآيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية، بل لا بد من إتقان اللغات الأوروبية لتبيان معاني الإسلام وتنزيلها على واقع مغاير للواقع المغربي يتميز بسيطرة العلمانية في الحياة العامة، وخطاب حقوقي للإنسان عامة والمرأة خاصة.