قبل أقل من يومين على مظاهرات منتظرة في مصر 30 يونيو الجاري، اشتعل العنف مبكرا أمس الجمعة، مع سقوط ثلاثة قتلى، أحدهم أمريكي، وإصابة العشرات جراء انفجار واشتباكات وإحراق لمقرات جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة الحاكم امتدت من محافظة الإسكندرية (شمال) إلى محافظات دلتا النيل رغم الطابع السلمي الذي ميز مظاهرات العاصمة الحاشدة في نفس اليوم لتأييد أو معارضة الرئيس المصري محمد مرسي. وشهدت مدينة بورسعيد، المدخل الشمالي لقناة السويس، واقعة هي الأولى من نوعها خلال المظاهرات الإحتجاجية منذ إندلاع الثورة في يناير 2011 بمصر، حيث ألقى مجهول جسما غريبا انفجر وسط متظاهرين معارضين للرئيس المصري ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 10 آخرين، بحسب تصريحات المتحدث باسم وزراة الصحة المصرية لمراسلة الأناضول. وقال مراسل الأناضول بالمدينة الاستراتيجية إن شخصا مجهولا قام بإلقاء جسم غريب ( ُيرجح أن يكون) عبوة ناسفة على المتظاهرين الذين كانوا متجمعين في حديقة ميدان الشهداء ببورسعيد ما أسفر عن سقوط قتيل انفصل رأسه عن جسده ويدعى "صلاح الدين حسن" (38 عاماً)، فضلا عن سقوط عدد من الإصابات. وبشأن الاشتباكات التي وقعت بين المؤيدين والمعارضين، تدرج مستوى الاشتعال بشكل تنازلي من الشمال إلى الجنوب حيث كانت الإسكندرية الأكثر اشتعالا تلتها محافظات شمال الدلتا حتى وصل الوضع إلى الهدوء النسبي في القاهرة. واندلعت أقوى الاشتباكات بعد ظهر الجمعة في حي سيدي جابر بمحيط المقر الإداري لجماعة الإخوان المسلمين في محافظة الإسكندرية، الذي كان يحيط به شباب من الإخوان لتأمينه، بحسب مراسل للأناضول تواجد في موقع الاشتباكات. وبدأت الاشتباكات فور وصول مسيرة لمعارضي الرئيس المصري محمد مرسي قرب مقر الإخوان في حي سيدي جابر وسط الإسكندرية (الميناء الرئيسي وثاني أكبر المدن المصرية). وقدمت المسيرة المعارضة التي شارك بها الآلاف من أمام مسجد القائد إبراهيم وسط المدينة، حيث هتف المتظاهرون بها ضد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، قبل أن تشتبك مع شباب الإخوان. وشهدت الاشتباكات، التي استخدمت فيها الحجارة وطلقات نارية بجانب العراك بالأيدي، سقوط قتيلين و85 مصابا من الجانبين ومن بين رجال الشرطة الذين حاولوا فض الاشتباك. وقال الطبيب إبراهيم الروبي مدير الطوارئ بوزارة الصحة بالإسكندرية إن أحد القتيلين، أمريكي الجنسية، قتل بطعنة في الصدر ويعمل مدرس لغة إنجليزية بأحد مراكز تعليم اللغات الأجنبية بالإسكندرية وهو يقوم بتصوير الاشتباكات بكاميرته الخاصة، أما القتيل الثاني فهو مصري قتل بطلق ناري في الرأس ولم يتبين بعد هويته. وأضاف الروبي لمراسل الأناضول أن 85 مصابا أخرين أصيبوا بينهم عدد في حالة خطرة، وأنهم يتلقون العلاج حاليا بمستشفيات الوزارة، بالإضافة إلى حوالي 250 شخصا تم علاجهم وخرجوا. وفي القاهرة نظم أكثر من مائة ألف شخص من مؤيدي مرسي مظاهرة حاشدة في ميدان رابعة العدوية، شرقي القاهرة، وقرروا الاعتصام به حتى يوم 30 يونيو أو ما بعده، بحسب ما أعلنه المشاركون بها. وينتمي معظم المحتشدين إلى التيار الإسلامي، ويؤكدون رفضهم لمطالب المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية، ويطالبون باستكمال مرسي مدته الرئاسية البالغة 4 سنوات (مر منها عام واحد) ، محذرين من أن عدم استكمال هذه المدة سيفتح الباب لعدم استقرار أي رئيس قادم. وانتشر حمل العصي والهراوات في أيدي العشرات من المشاركين، تحسبا لأي هجمات من قوى معارضة، غير أنه لم يتم تسجيل اشتباكات. وفي المقابل احتشد بضعة آلاف في ميدان التحرير بقلب القاهرة بعد صلاة الجمعة (وصلت أعدادهم في المساء إلى نحو 15 ألف ) لمطالبة مرسي بالتنحي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وذلك بدعوى من حملة "تمرد" (صاحبة الدعوة للتظاهر في 30 يونيو"، وحركة "التيار الشعبي". وقرر المتظاهرون في التحرير الاعتصام حتى سحب الثقة من الرئيس، وشاركهم في هذا القرار عدد من المتظاهرين المعارضين الذين احتشدوا في عدد من المحافظات. وأمام وزارة الدفاع المصرية شرقي القاهرة، احتشد المئات، من المعارضين الذين يطالبون الجيش بالتدخل لإزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن حكم البلاد، بدعوى أنها تسعى للاستحواذ عليها دون بقية الشعب. وشارك المتظاهرون عشرات المعتصمين، الذين يدخلون يومهم السادس من الاعتصام أمام الوزارة، مطالبهم برحيل مرسي، وبلغت خيام المعتصمين في يوم السادس 50 فيما لم تكن تتجاوز ال10 في أول أيام الاعتصام. ودعا لمظاهرة وزارة الدفاع الإعلامي توفيق عكاشة، وحزب الحركة الوطنية المصرية المناصر للمرشح الرئاسي السابق، أحمد شفيق، والذي خسر أمام مرسي في جولة الإعادة من الانتخابات التي جرت في يونيو الماضي. وتدعو قوى مصرية معارضة، بينها حملة "تمرد"، إلى مظاهرات يوم 30 يونيو الجاري، بالتزامن مع الذكرى الأولى لتولي محمد مرسي منصبه؛ للمطالبة بسحب الثقة منه، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة؛ بدعوى فشله في إدارة شؤون البلاد. في المقابل، تدعو قوى إسلامية إلى التظاهر في اليوم ذاته؛ تأييدًا لمرسي، الذي فاز في أول انتخابات رئاسية شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، منهية نحو 30 عامًا من حكمه. ويخشى المصريون أن تتحول مظاهرات 30 يونيو الجاري إلى أعمال عنف بسبب حالة الاستقطاب الحادة على الساحة السياسية المصرية، وتزايدت تلك الخشية بعد أن بدأ العنف بالفعل مبكرا يومين.