"لا أتحمل أن تفوتني ولو حلقة واحدة"، تقول فاطمة الزهراء العلوي مساعدة محاسب مغربية الجنسية وهي إحدى المعجبات بمسلسل "نور". "" من المغرب إلى الخليج، يحظى مسلسل "نور" باهتمام المواطن العربي بشكل يفوق متابعته للانتخابات الأميركية وانخفاض قدرته الشرائية. فقد حقق المسلسل التركي المترجم إلى العامية السورية نجاحا باهرا في الأقطار العربية وهو يروي قصة عاطفية تجري أحداثها داخل أسرة ثرية في إسطنبول. ويقدر معجبو المسلسل الذي بثته قناة "إم بي سي 4 " بالملايين. ظاهرة اجتماعية حقيقية كثر الحديث عن مسلسل "نور" بين مؤيدين ومعارضين. على موقع فيس بوك، ازداد عدد المشتركين من الجانبين. فالمعارضون اجتمعوا في فريق يحمل إسم "أكره نور" ينتقدون من خلاله المزايدة في أحداث المسلسل وابتعاده عن الواقع والتأثير الذي يمارسه على المجتمع. تأييد وانتقاد المسلسل دخل حتى إلى عقر البيوت العربية، إذ يقول فادي مقدسي، وهو صيدلي من أصل سوري يقطن بباريس أنه يبغض المسلسل "لأن الصغار والكبار يعشقونه رغم ان محتواه فارغ". على العكس من ذلك، زوجته تتابع المسلسل بشوق. بالنسبة لفادي الأمر يتعلق بموضة عابرة استجابت لها المجتمعات العربية لملئ أوقات فراغها. وبغض النظر عن إعجاب بعض المشاهدين العرب أونفور بعضهم الآخر من المسلسل، فقد تسبب هذا الأخير في خلق طفرة في حياة البعض. عديدة هي النوادر التي تحكى بهذا الشأن، هناك بعض الأزواج لجأوا إلى الطلاق لعدم تحلي أحد الطرفين بخصال مثالية كالتي يتحلى بها بطل المسلسل مهند أو بطلته نور. وفي دولة خليجية يحكى أن سيدة باعت قطيعها للتفرغ لمشاهدة المسلسل. وأمام حجم الظاهرة، اضطر بعض رجال الدين المسلمين إلى التدخل، فقام إمام سعودي بإصدار فتوى تتهم القنوات التي تبث المسلسل بالعداء للإسلام ورسوله. وحسب إبراهيم العريس الناقد السينمائي في صحيفة "الحياة" اليومية فإن معارضة الأوساط المتحفظة للمسلسل ساهمت في التعريف به أكثر، فقد قام أشخاص لم يكونوا يشاهدون المسلسل بمتابعته بمجرد أن علموا بالجدل القائم حوله. "مع نور، المجتمعات العربية صارت تعيش على إيقاع باقي المجتمعات" وتقول فاطمة الزهراء "إنه مسلسل يحكي قصصا رومانسية بطريقة تناسب المجتمع العربي، فهو يطلعنا على طريقة عيش المجتمعات الغربية ونجد فيه مبادئ مشتركة مع العالم العربي والإسلامي". العديد من محبي المسلسل يشاركونها الرأي: "لسنا معتادين على الرومانسية بهذه الطريقة" تقول سوسن مقدسي، زوجة فادي. وهي بذلك تلمح إلى أن مهند يعتني بمحبوبته ويغرقها بالهدايا ويظهر لها مشاعره أمام الملأ. حسب إبراهيم العريس، طريقة العيش الغربية للمجتمع التركي والمبادئ الإسلامية التي يروج لها المسلسل كانا سببا نجاح مسلسل "نور" فقد "وجد معتادو المسلسلات المكسيكية في مسلسل نور شيئا أقرب إليهم". ويجد إضافة إلى ذلك أن "نور" "مكن العالم العربي من دخول المجتمع الغربي على الطريقة التركية"، وأن المجتمعات العربية فضلت النموذج التركي على الإيراني لمعانقة العصرنة.