توقع أحدث تقرير أصدره أخيرا البنك الدولي، موسوما بعنوان "الآفاق الاقتصادية العالمية"، أن يرتفع معدل نمو الاقتصاد المغربي من 2.7 في المائة سنة 2012 إلى 4.5 في المائة عام 2013، ليبقى مرتفعا دون عتبة 5 في المائة في السنوات القادمة بفضل الانتعاش في منطقة اليورو، وأيضا بفضل انتعاش القطاع الفلاحي بالبلاد جراء وفرة الأمطار. وصنف تقرير البنك الدولي، الذي اطلعت عليه هسبريس، المغرب ضمن البلدان النامية التي تشهد ارتفاعا في نسبة النمو الاقتصادي إلى جانب تونس 3.8 في المائة، والأردن 3.3 في المائة، والجزائر 2.8 في المائة، والعراق 8.5 في المائة، مقابل تراجع معدل النمو في دول من قبيل مصر إلى 1.6 في المائة وإيران 1.5 في المائة. العودة إلى النمو الطبيعي وتعليقا على ما ذهب إليه البنك الدولي في تقريره الأخير، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عمر الكتاني إن هذه الأرقام التي أوردها البنك الدولي بخصوص نسب النمو بالمغرب تبدو "منطقية جدا"، باعتبار أن معدل النمو للبلاد في العشر سنوات الأخيرة كان دائما يترواح بين 4 و4.5 في المائة. وأردف الكتاني، في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن البنك الدولي يتوقع استمرار نسبة النمو بالمغرب نظرا لتحسن ظروف الاقتصاد الأوروبي، مشيرا إلى أن نمو الاقتصاد الوطني مرتبط دائما بالاقتصاد الأوروبي، فإذا كان معدل النمو سنة 2012 ضعيفا، فلأن البلاد شهدت حينئذ انعكاسات وتداعيات الأزمة المالية في أوروبا. وتابع المحلل بأن توقعات البنك الدولي بالنسبة لمعدل النمو لسنة 2013، الذي توقعه أن يكون في حدود 4.5 في المائة، تنبني أساسا على انتعاش الصادرات إلى أوروبا، وبالتالي يمكن الحديث عن عودة الاقتصاد الوطني إلى طبيعته وحالته الاعتيادية السابقة. واسترسل الكتاني بأنه عندما تكون السنة خصبة في المغرب من حيث هطول الأمطار، فنسبة النمو الاقتصادي تكون في حدود 5 إلى 7 في المائة أحيانا، أما في سنوات الجفاف فينزل هذا المعدل إلى 2 أو 2.5 في المائة، وبالتالي يضيف الخبير الحديث عن معدل يبلغ 4.5 في المائة سنة 2013 هو أمر طبيعي، لأنه الوضع الاعتيادي بالنسبة لبلد كالمغرب. التبعية للأمطار وأوروبا ولفت الكتاني، في السياق ذاته، إلى أنه عندما تنجح أوروبا في الخروج من تداعيات أزمتها الاقتصادية والمالية، فإن النمو الاقتصادي المغرب هو الآخر يتنفس ويشعر بالانتعاش، مبرزا بأن هذه الوضعية الخاصة بمعدل النمو يمكن اعتبارها كافية وغير كافية في الوقت ذاته. ويشرح المحلل الاقتصادي بأن معدل النمو 4.5 في المائة يبدو كافيا بالنظر إلى أنه معدل متوسط يشير إلى سنة متوسطة، لا هي بالجيدة ولا بالسيئة من حيث المردود الاقتصادي، غير أنه غير كاف تماما بالنظر إلى أنه لا يتيح استيعاب الأعداد الوفيرة للعاطلين عن العمل في البلاد. وتابع بالقول: "المغرب يعرف كل سنة أكثر من 100 ألف طلب شغل، بينما يستطيع تشغيل 150 ألف عاطل في السنة، وبالتالي فإن الاقتصاد الوطني يعجز عن احتواء الأعداد المتنامية للشباب العاطل عن العمل، ومنهم حاملو الشهادات العليا"، محذرا من مغبة "الاحتقانات الاجتماعية التي لا تمنع من حدوثها نسب نمو من قبيل 4.5 في المائة". وخلص الكتاني إلى أن "ما يستفاد من هذا كله يتجلى في كون نمو الاقتصاد المغربي يحكمه عاملان رئيسيان، الأول مرتبط بالسماء ورحمة الله تعالى، باعتبار أن الاقتصاد الوطني يتأثر بوفرة الأمطار من عدمها، أما الثاني فهو وضعية الاقتصاد الأوروبي الذي إن كان جيدا فالنمو الاقتصادي بالبلاد يكون متوسطا، وإذا حدثت أزمات في اقتصاد البلدان الأوربية فإن اقتصادنا ينتكس على الخلف".