هو"ملك الشعراء" أو "الشاعر المنفي" الذي يخطُّ أبْياته بدَمه، والذي يُقاطعُ العزف على أوتار وسائل الإعلام التي يسميها "وسائل الإعدام..تلك التي تكتب بالممحاة، وتقدم للناس فراغًا خاليًا محشوًا بكمية هائلة من الخواء" يقول الشاعر المُبعَدُ عن الأراضي العربية أحمد مطر.. وهل يخفى المطر...؟ ما إن تسمع قصائد لعل آخرها "مقاوم بالثرثرة "المنتقدة لبشار الأسد، و"أحاديث الأبواب" و"ولاة الأرض" و"أعوام الخصام" و"دمعة على جثمان الحرية" و"مشاتمة"...والكثير من القصائد "الثورية" ذات الأسلوب المتفرد والمبدع والتي لا تحتاج لتوقيعِ خاطِّ أبياتها لما تتمتع به تَميُّز؛ حتى يقفز اسم الشاعر أحمد مطر دون عناء. شاعر بدأ كغيره من كلمات العشق والغزل وما لبث أن اكتشف الصراع الخفي والمُعلن بين السُلطة والشعب، فموهبة الشاعر العراقي ذي 59 سنة، بدأت بالتَّفتُّق في سن الرابعة عشرة عبر كتابة قصائد في العشق والغزل، إلا أن دوامة السياسة الصارمة اختطفته من أحلامه وأبياته الوردية الحانية، ليدخل مُعترَكها عبر قصائد تُعرِّي عَورات النظام العراقي ما جعله يضطر إلى مغادرة بلاده متوجها إلى الكويت للعمل مُحررا في جريدة "القبس" والتي انْجَلى يدوّن كلماته عَبرها بحرية تامة. مطر والعلي..توأمة القلم والريشة جريدة "القبس" الكويتية، كانت إذن حِضن الشاعر أحمد مطر ومنبره الحر لإيصال كلماته وخلجاته بنَفَسٍ شِعري ساخرٍ وناقد حدَّ الجَلد بالسَّوط والكي بالجمر للحكام العرب، منتقدا من خلالها ظُلمهم واستبدادهم وفسادهم ما جَرَّ عليه ويلات كُرهِهم له وتتبعهِم لحركاته وسكناته عبَّر عنها بقصائد عديدة.. ومن قَدر الشاعر "الثوري الانتحاري" أن يلتقي بتوأم روحه الكاريكاتوريست الفلسطيني الراحل ناجي العلي ليجد كلّ منهما في الآخر توافقًا نفسيًا واضحًا عَبْر إبداع مُفعم بالصدق والعفوية والمخاطرة؛ لدرجة كان يبدأ فيها الشاعر بقصيدة نارية ويُنهِيَها ناجي بلوحته الكاريكاتورية الموقعة برسمة "حنظلة". المنفى..قدر مُتجدِّد ارتبط مسار الشاعر أحمد مطر برفيق دربه ناجي العلي، حيث تسببت كلماتهما ورسومهما الحادة والصادقة إلى إصدار قرار بنفيهما معا من الكويت، ليستقرا معا في لندن إلى حين اغتيال ريشة ناجي العلي بطلقات رصاص، ليبقى صديقه وحيدا وبعيدا عن الوطن مسافات بعيدة قريبا من نبض الشارع والشعوب العربية حد الالتِصاق.