"مرقت كالسهم لا تلو خطاها.. يا ليت شعري ما الذي اليوم دهاها" أول كلمات خط بها الشاعر الكبير أحمد مطر "رحمه الله" في سن الرابعة عشر، شاعر عراقي ولد في 1954 بقرية "التنومة" بالبصرة قبل أن ينتقل هو وعائلته إلى محلة " الأصمعي". لديه عشرة أخوة هو الرابع بينهم، عاشوا في قرية التنومة التي كانت لها تأثير كبير على حياته حيث يقول فيها إنها " تنضح بساطة ورقّة وطيبة"، انتقل بعدها إلى منطقة الزعفرانية ببغداد ليعيش في كنف أخيه الأكبر "علي" نتيجة الفقر الذي لقاه في قريته. بدأ حياته الشعرية بقصائد الرومانسية والغزل في سن الرابعة عشر، ثم اتجه إلى كتابة القصائد في المواليد مثل مولد الرسول "صلى الله عليه وسلم" وسيدنا على "رضي الله عنه" ولكنها لم ترض همته فاتجه إلى القصائد السياسية نتيجة الظروف السياسية التي كانت تمر بها بلاده والحياة القهرية التي كان يعيشها. " اعلم أن القافية لا تستطيع وحدها إسقاط عرش الطاغية.. لكنني أدبغ جلده بها.. دبغ جلود الماشية ! " تعرض أحمد مطر للاعتقال والنفي بسبب قصائده الحادة التي كان يهاجم فيها النظام حتى بعد رحيله إلى لندن، وعن حياته في تلك الفترة في بريطانيا يقول " أنا في بريطانيا دولة مستقلة، نمشي على قدمين، نشتاق إلى أوجاع احتلالها ونهفو إلى المعركة من جديد لست سعيدا لأني بعيد عن صدى آهات المعذبين لأني أحمل آهاتهم في دمي، فالوطن الذي أخرجني منه لم يستطع أن يخرج مني ولا أحب أن أخرجه ولن أخرجه ". تعرض أحمد مطر لفقدان أشخاص كثيرة أثرت فيه كثيرًا، حيث توفى أخوه الأصغر "زكي " بحادث سيارة مفتعل تلاه شقيقه " خالد" بحبل المشنقة. ويعد وفاة صديق عمره وصديقه في المنفى " ناجي العلى " بعدما قتل بمسدس كاتم للصوت من أصعب أيام حياته وكان دائمًا يعزي نفسه بأن " ناجي ما زال معه نصف حي، لينتقم من قوى الشر بقلمه ". يقول رحمه الله في الشعر: " إن الشعر ليس نظاما عربيا يسقط بموت الحاكم، كما أنه ليس بديلا عن الفعل، بل هو قرين له، أنه نوع من أنواع الفنون من مهماته التحريض والكشف والشهادة على الواقع والنظر إلى الأبعد ". " فلتأكلي ما شئت، لكني أنا.. مهما استبد الجوع بي.. أرفض أكل الجيفة" عندما كان في لندن قام بطبع ديوان شعر كبير على نفقته الخاصة ونشره بمكتبتي الساقي والأهرام ويضم سبعة دواوين بعنوان " لافتات " ( لافتات 1، لافتات 2 ،…. )، كما يضم بعض القصائد التي لم يجمعها عنوان محدد وديوان شعري بعنوان " إني المشنوق أعلاه ديوان الساعة "، حتى أطلق عليه الثوريون في العالم العربي لقب " ملك الشعراء ". ومن أهم أشعاره " إهانة، حالات، عقوبات شرعية "، وألف عددا كبير من القصائد السياسية مثل " دمعة على جثمان الحرية، كلب الوالي، السلطان الرجيم، انتفاضة مدفع وغيرها كثير ". عاش أحمد مطر وتوفي بعيدًا عن الإعلام حيث كان يقول دائمًا " أنا لا أتجاهل وسائل الإعلام ولكني تجاهلت وسائل الإعدام، " إن عبثًا هينًا بكلمة " إعلام " يحولها ببساطة إلى " إعدام ". توفي الشاعر أحمد مطر مساء الأربعاء 17 يوليو 2014 عن عمر يناهز 60 عامًا بقلم: إسراء الطنطاوي استيقاظ للنوم تكفيريون في كل مكان