كل أحرار العالم ينتظرون ردة فعل العدالة الإسبانية لأجل تفعيل مذكرة البحث الدولية، التي أصدرها قاضي التحقيق بالمحكمة الوطنية بمدريد في حق زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية والتعذيب وجرائم ضد الإنسانية، والتاريخ سيسجل ما إن كانت إسبانيا ستغمض عينيها عن مثل هذه النازلة لأن المسار الحقيقي لهذه القضية هو أن تأخذ العدالة مجراها. وإن حدث العكس، سيكون القضاء الإسباني قد تلقى الضربة الثانية في تاريخه بعدما لم يستطع تسلم الديكتاتور أوجستو بينوشيه من بريطانيا العظمى بعد مذكرة بحث وأمر قضائي إسباني وبنفس تهم زعيم جبهة البوليساريو. إن لم يتسلم القضاء الإسباني الديكتاتور بينوشيه من الحكومة البريطانية، فالتاريخ سيسجل أن إسبانيا كانت قد سعت إلى تطبيق العدالة لتنتصر للإنسانية، عملاً بمبدأ "عالمية الاختصاص القضائي"، بالنظر للانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان التي اقترفها جنرال الشيلي بينوشيه، وهذا المبدأ هو أحد المبادئ الراسخة في التشريع الإسباني وفي القانون الدولي. اليوم، تستضيف إسبانيا مطلوبا للعدالة الإسبانية، وبيان خارجيتها قال إنه نُقل إلى إسبانيا لدواعٍ إنسانية بحتة من أجل تلقي العلاج، كما قامت بالتشديد على التزام أقصى درجات التحفظ فيما يتعلق بالتفاصيل، وهذا أمر مرفوض تماما لأن ضحايا هذا الجلاد يريدون تطبيق العدالة، والتفاصيل التي تريد أن تتحفظ عليها إسبانيا ستكون وصمة عار في التاريخ الإسباني ولكل أحرار العالم. فإن كانت ألمانيا وفرنسا قد رفضتا استقبال إبراهيم غالي حتى لا يسجل في تاريخ أي واحدة منهما أنها قامت باستقبال مطلوب للعدالة وتقوم باعتقاله وتسليمه لإسبانيا، فاليوم هو موجود فوق الأراضي الإسبانية، والجميع يعرف مكان تواجده، وأنه اقترف جريمة أخرى حينما قام بتزوير أوراق هويته ودخل الأراضي الإسبانية تحت اسم محمد بن بطوش ليتهرب من الملفات التي تبنتها المحكمة الوطنية الإسبانية، وهذا شيء يهين هيئة القضاء الإسباني، بل يضرب مصداقيتها. وإن كان إبراهيم غالي يُستشفى لأسباب إنسانية وترى إسبانيا أن ذلك واجب أخلاقي، فهذا شيء يخصها وحدها، على الرغم من أن الخدمات الإنسانية لا يمكن أن تقدم لاسم مستعار، لكن بعد أن يشفى عليه أن يسلم للعدالة لأن هذا يخص الضحايا والمظلومين الذين ينتظرون الإنصاف تحت مبدأ المساواة أمام القانون لأن القانون الإسباني سبق له أن جر بعض أفراد العائلة الملكية إلى القضاء، بمن فيهم الملك خوان كارلوس. وختاما يبقى السؤال: هل ستتحمل إسبانيا مسؤوليتها القانونية والتاريخية وتعتقل جلاد سجن الرشيد بتندوف؟.