أيام قليلة على انقضاء مارس، الشهر الذي يُحتفل في الثامن منه باليوم العالمي للمرأة، ويُحتفى في العشرين منه بيوم الأم، وفي الواحد والعشرين يُفرح ببداية الربيع أفضل فصول السنة، في هذا الشهر الرائع بكل حمولاته الجميلة، يفاجأ الشعب المغربي عامة وساكنة مدينة على وجه الخصوص، بالحملة البربرية التي لطخت جل جدران شوارع بمدينة طنجة الجميلة، بمنشوراتها المتطرفة المحذرة للنساء من مغبة التبرج في شهر رمضان، بتهديدات خطيرة يُخشى أن تعرض المرأة المغربية لأي تصرف فردي طائش، أو فعل إجرامي جماعي إرهابي مسكون بالرغبة في ممارسة الوصاية على الغير -وعلى الخصوص النساء- باسم الدين الذي يجعل شرف الرجل المسلم لا يرتبط بالسلوك والقيم والأخلاق، بقدر ما يرتبط بحجاب زوجته وأخته وابنته وأمه! الفكر المتحجر الذي قد يتعدى مجرد الكتابة على الجدران ليصل إلى ارتكاب الجرائم بحق النساء، تحت مسمى "حملة لا للتبرج" التي يراد بها تحقيق "الوصاية المجتمعية" التي لا تتماشي مع الظروف الراهنة للعصر الحديث، وتشكل خطرا جسيما، وتبدأ عادة بعدم تقبل الآخر، ومن ثمة تصل إلى ما لا يحمد عقباه، ليس على المرأة وحدها، كما يبدو ظاهريا، ولكن على المجتمع بكامله، ضدا في القانون الذي له وحده الحق في تأطير المجتمعات وتحديد ما يجب أن تفعله وما لا يسمح لها بفعله، وليس حسب تفسيرات الجماعات الإرهابية المتطرفة للقرآن بما تشتهيه أنفسهم، والذي يؤدي إلى رسم صورة بشعة عن الإسلام والمسلمين، الأمر الذي ينبغي أن يُتناول بشكل أمني صرف، غير قابلة للنقاش كما هو حال المجتمعات الحديثة التي لا يُسمح فيها أبدا بممارسة الوصاية على عقول الناس وتفكيرهم وأجسادهم بأي ذريعة أو حجة مهما كانت، كما قال محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الدراسات الإسلامية، في أحد تعليقاته على حدث المنشورات الرهيبة التي أثارت جدلا واسعا، وكشفت أن منظومة التربية الدينية في المغرب تبقى خاطئة، وتلزم مراجعة الخطاب الديني بالتركيز على القيم الأخلاقية للإسلام المتصدية للعنف والتطرف، مجابهة كل السلوكيات التي تحرم المرأة من حقها في تقرير اختياراتها بنفسها في لبسها وعملها ودراستها وسفرها وزواجها. ومع هذا وذاك، ورغم الصدمة التي خلفتها المنشورات المتطرفة من غضب وخوف في صفوف الطنجاويات وما نشرته من استياء بين باقي نساء المملكة المغربية، فإن الحدث تضمن نقاط إيجابية عديدة، أكتفي بأهمها، والتي أوردتها بطريقة طريفة الكاتبة سناء العاجي في مقالة "داعش في طنجة، ولكن..."، والتي يكشف ملخصها أن لجوء المتطرفين لتهديد النساء عبر المنشورات "البايخة"، ليس إلا دليلا على إفلاس خطة الفكر الداعشي، في فرض وصايتهم على المرأة، التي بدأت تحررها من عبودية التحجيب والتنقيب، وعودتها إلى حياتها الطبيعية التي أرادها لها خالقها سبحانه وتعالى..