فِي أنينها تحتَ وطأة أزمَة ماليّةٍ، ارتأت حكومَة عبد الإله بنكيران، مؤخراً، اللجوءَ إلى الاقتراض من السوق الدوليَّة. حيثُ طَار وزير الاقتصاد والماليَّة، نزار بركة، رفقَة عددٍ من المسؤولين قبل أيام، إلى العاصمة البريطانيَّة، لعقد اجتماعات مع عدة بنوك، بعدَما كانَ قد اقترض السنة الفارطة، 1.5 مليار دولار، بسبب نقص السيولة، الذي تفاقم وفقَ ما أوردهُ بنكُ المغرب، مبيناً عن بلوغه 66.8 مليار درهم، خلال أبريل المنصرم، بخلافِ 64.4 مليار درهم، فِي مارس الفائت. واستناداً إلى ما ذكرته صحف اقتصاديَّة مختصَّة، فإنَّ المغربَ قد يقترض ما بينَ 500 مليون إلى مليَار دُولَار، حسبَ ما تتيحهُ إمكانيات السوق، من أجل الحفاظ على احتياطِي النقد، كي يتمكنَ من تغطيَة أزيد من أربعة أشهر من الواردات، بعدما تخطَّى عجزُ الميزانيَّة 21 مليار درهم، مرتفعاً بالضعف تقريباً مقارنةً بمَا كانَ عليه في الفترة نفسها، من السنة الماضية. الخبير والمحلل الاقتصادِي، نجِيب أقصبِي، لم يستغربْ اللجوءَ مجدداً إلى الاقتراض، قائلاً فِي اتصالٍ مع هسبرِيس، إنَّ كلَّ من قرأ قانون الماليَّة لسنة 2013، ووقفَ على بنيته، كانَ يدرِي سلفاً أنَّ الاقتراض سيتم عاجلاً أو آجلا، لأنَّ الموارد الضريبيَّة لا تغطِّي سوى 60 بالمائة من النفقات، وتَذرُ هوة بنسبة 40 في المائة، لا تتسطيعُ الدولَة تغطيتها بالكامل، حتَّى وإن سارت إلى البحث عن بدائل لدى بعض المؤسسات العمومية، التي لا تمد في أحسن الأحوال إلا ب10 بالمائة، فتتبقى نسبة تربُو على 30 بالمائة. وبمَا أننَّا لسنا بلداً ذَا موارد هائلة، يقولُ أقصبِي، فإنَّ الاقتراض يضحِي بمثابة الحال الوحيد فِي غياب الإصلاحات الضروريَّة، سواء تعلق الأمر بالإصلاح الضريبي أو معالجَة إشكال صندوق المقاصَّة، بل إنَّ تلك الإصلاحات في حد ذاتها، ما كانت لتصحح الاختلالات، حسب الأكاديمي المغربي، لو تم تنفيذها قبل أشهر، حيث كان يلزمها وقت طويل لتأتيَ أكلهَا، ولن تحل الإشكالات بين عشيَّة وضحاهَا. وفِي سياقٍ ذِي صلة، أردفَ الدكتور أقصبِي، أنَّ القروض التي راحَ المغرب يبحث عنها مؤخراً، ليست إلَّا حلقةً واحدة من بين حلقات أخرَى قادمة فِي المستقبل، لأنَّ تلك القروض مفروضة، في ظلَّ التمادِي فِي أخطَاء قاتلَة على صعيد السياسَة الاقتصاديَّة والماليَّة، سيمَا فِي ظلِّ أزمَة سياسيَّة مفتعلَة لأغراض معروفَة، لا طاقَة للحظة الراهنَة بتداعياتهَا. وبخصوص انعكاسات التمادي في اللجوء إلى السوق الدوليَّة لتغطية عجز الميزانية، زادَ أقصبِي، أنَّ اللجوءَ إلى الاقتراض من المؤسسات الدولية، في ظل أزمة السيولة، لا يمكن إلَّا أن يبعثَ بإشارة سلبيَّة للمستثمرين، كما لا يصبُّ فِي تشجيع مناخ الاستثمار، وَ ستكون تكلفَته جد باهضة، لأنَّ الأبناك التِي ستقرضُ المغربُ ستكونُ لها شروطها الخاصَّة.