يبدو أن حفاظ المغرب على تصنيفه الائتماني الدولي بعد خروجه إلى سوق المال الدولية، وإصداره سندات إلزامية بقيمة مليار أورو في يونيو الماضي، قد فتح الباب على مصراعيه لمزيد من الاقتراض لمواجهة عجز السيولة النقدية من العملات الصعبة. بلغ حجم الدين الخارجي العمومي 262.3 مليار درهم خلال النصف الأول من السنة الجارية، مقابل 234.7 مليار درهم في نهاية سنة 2013، مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة قاربت 12 في المائة، أي أنه خلال 6 أشهر اقترضت الحكومة 27.5 مليار درهم (2750 مليار سنتيم). ويرى الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن استفادة الحكومة من خط ائتماني لمؤسسات مالية دولية وإصدارها لسندات إلزامية ليس سوى محفز للاستدانة مجددا من الأبناك والمؤسسات المالية الدولية، حيث تضع الحكومة نفسها في ورطة حقيقية باعتبارها تقترض بالعملة الصعبة، وشبه ذلك بالذي يأخذ المورفين لمعالجة آلامه، لكنه يجهل أنه على شفى السكتة القلبية، موضحا أن سعر الفائدة الذي تقترض به الحكومة من الخارج حاليا متدن، وهو ما يشجع الحكومة على الاقتراض أكثر، لكنها تغض الطرف على أن سعر الفائدة هو قابل للتقلبات، مثل أسعار البترول، وإذا ما ارتفع مستقبلا فإن أزمة المالية العمومية ستكون أعمق. وأكد أقصبي، في اتصال مع «أخبار اليوم»، أن الحكومة المغربية بحكم خضوعها للأسواق المالية العالمية تتبع سياسة من أولوياتها ضمان ثقة الأبناك الدولية، ونيل رضاها، وأن من سيؤدي الفاتورة هو المواطن المغربي، مشيرا إلى أن المالية المغربية تعتمد في تمويلها العمومي على الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وعلى الدين الخارجي، بحيث تتضاعف الأزمة سنة بعد أخرى، ومعها التبعية لصناديق التمويل ولشروطهم وتوجيهاتهم التي تهتم أولا وأخيرا بالكيفية التي ستضمن لهم استعادة سيولتهم ومعها الفائض في الأرباح. وقال أقصبي إن الحكومة أساءت اختيار التدابير الكفيلة بتجاوز الأزمة التي تمر منها المالية العمومية، لأن الحل، في نظره، يكمن في إصلاح النظام الضريبي بطريقة تجعل الأغنياء يتحملون جزءا من التكلفة، إضافة إلى تعزيز المراقبة على الشركات، التي غالبا ما تصرح بنتائج سنوية خاسرة تهربا من دفع مستحقاتها الضريبية، مضيفا أن عدم إصلاح النظام الضريبي، سيدفع المغرب إلى مزيد من الاقتراض لتغطية النفقات، «والحكومة مع الأسف تمارس نوعا من التضليل بطمأنتنا على أن الرصيد من العملة الصعبة قد ارتفع وهو في صحة جيدة، لكنها لا تقول لنا إنه ارتفع جراء الاقتراض الخارجي، لأن المغرب يقترض بالعملة الصعبة». وللخروج من هذا المأزق، أشار أقصبي إلى ضرورة إرساء قواعد لتنمية بديلة تعتمد على المقومات الذاتية وضرورة ترشيد النفقات من خلال إلغاء استيراد المواد التكميلية وغير الضرورية والنهوض بالقطاع الفلاحي اعتمادا على حاجياتنا الخاصة. وكانت مديرية الخزينة والمالية الخارجية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، قد أكدت في نشرة إحصائية حديثة حول الدين الخارجي العمومي برسم النصف الأول من سنة 2014 أن حجم الدين الخارجي العمومي بلغ 262.3 مليار درهم خلال النصف الأول من السنة الجارية، مقابل 234.7 مليار درهم في نهاية سنة 2013، مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة قاربت 12 في المائة، أي أنه خلال 6 أشهر اقترضت الحكومة 27.5 مليار درهم (2750 مليار سنتيم). وأفاد نفس المصدر أن تطور مخزون الدين الخارجي العمومي يظهر أن هناك ارتفاعا في الدين الخارجي للمؤسسات والمقاولات العمومية ب17.7 مليار درهم، وب9.8 مليار درهم بالنسبة لدين الخزينة. وبخصوص بنية الدين العمومي، يشكل الدائنون متعددو الأطراف المجموعة الأولى لدائني المغرب بحصة تصل نسبتها إلى 45.6 في المائة من الدين العمومي الخارجي، يليهم الدائنون الثنائيون بنسبة 29 في المائة والمؤسسات المالية والنقدية والبنوك التجارية بنسبة 25 في المائة. وعلى مستوى هيكلة الجهات المدينة، كشفت النشرة عن أن الخزينة تستحوذ على نسبة 2ر53 في المائة من مجموع الدين الخارجي العمومي.