لأول مرة منذ 27 أبريل المنصرم، يوم لجوء الرئيس الجزائري إلى فرنسا قصد طلب العلاج من وعكة صحية ألمت به، "تتدخل" فرنسا رسميا في ما بات يُعرف بقضية مرض بوتفليقة من أجل إخبار الجزائريين بأن رئيسهم لا يزال متواجدا في فرنسا إلى حدود اليوم. وأفاد بيان مقتضب صدر عن وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، اليوم الاثنين، بتواجد الرئيس الجزائري في فرنسا"، غير أن البلاغ لم يتطرق إلى تفاصيل إضافية تهم الوضعية الصحية لمن يلقبه عدد من الجزائريين ب "الصقر الذي لا ينحني". ولم يقدم بلاغ وزارة الخارجية الفرنسية، الذي بثته قناتا "فرانس 24 " و"بي إف إم"، أية توضيحات شافية بخصوص مكان تواجد بوتفليقة، هل ما يزال يتلقى العلاج في مستشفى "فال دو كراس" الذي حل به قبل أزيد من ثلاثة أسابيع، أم أنه يعيش فترة نقاهة بعد تماثله للشفاء، كما تروج لذلك الأوساط الرسمية في الجزائر. ويأتي بيان الحكومة الفرنسية ليرد ضمنيا بنفي ما ذهبت إليه صحيفتان جزائريتان، يوم أمس الأحد، عندما كشفت بأن "بوتفليقة عاد الأربعاء الماضي إلى البلاد، ويوجد في حالة غيبوبة"، الشيء الذي عرض صاحب الجريدتين إلى المساءلة القضائية من طرف السلطات الجزئارية بتهمة "المساس بأمن الدولة". وبنبرة تهكمية صرح هام عبود، مالك جريدتي "جريدتي" و"مون جورنال"، تعليقا على البلاغ ذاته بأن الحكومة الفرنسية أضحت "تمارس الاتصال لفائدة السلطة الجزائرية"، مردفا بأن "الجزائر دولة مستقلة وذات سيادة ولديها مؤسساتها، لكن يبدو أننا أصبحنا بُكماً في الجزائر"، في إشارة إلى أنه لا يحق لفرنسا "التدخل" في شأن جزائري خاص. وفي غضون ذلك قال الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال ٬ اليوم الاثنين٬ إن الوضع الصحي لبوتفلقية "يشهد تحسنا يوما بعد٬ وأن هذا الأخير "يخضع إلى راحة تامة". ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية، عن سلال قوله في تصريح صحفي، إن الرئيس "بعد أن أجرى فحوصات طبية بمستشفى فال دو غراس بباريس٬ يشهد تحسنا يوما بعد يوم في وضعه الصحي٬ ويخضع كما نصحه أطباؤه إلى راحة تامة بهدف الشفاء التام"، مضيفا أن "رئيس الجمهورية متواجد في فترة نقاهة بفرنسا٬ ويتابع يوميا نشاطات الحكومة في انتظار عودته لمواصلة مهامه". وتعليقا على ما راج مؤخرا من أخبار حول صحة الرئيس الجزائري٬ أوضح الوزير الأول أن "الجزائريات والجزائريين سيفهمون أنه من خلال بث معلومات خاطئة من قبل بعض وسائل الإعلام الاجنبية حول الرئيس الذي يعتبر المؤسسة الجمهورية الضامنة للاستقرار والأمن الوطنيين٬ أن الجزائر هي المستهدفة في أسسها الجمهورية وتطورها وأمنها". وجدير بالذكر أن مرض بوتفليقة صار بمثابة "لغز" عند العديد من الجزائريين، هيئات سياسية وأفرادا، حيث أضحوا يطالبون بالشفافية في قول الحقيقة للشعب الجزائري بخصوص مرض رئيسهم ووضعية الصحية الحقيقية، خاصة بعد تضارب الأنباء المرتبطة بين من يؤكد تحسن صحته خاصة من طرف المسؤولين الحكوميين في البلاد، وبين من يذهب إلى أن صحة بوتفليقة آخذة في التدهور، بدليل عدم ظهوره ولو مرة واحدة منذ 27 أبريل الفائت.