يبدو أن قصة مرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تخفي وراء الأكمة ما تخفي من أسرار، جعلت عددا من المحللين ووسائل الإعلام يذهبون إلى تفنيد الأطروحة الرسمية التي حاولت طمأنة الرأي العام الجزائري بأن صحة الرئيس "تتحسن شيئا فشيئا"، وأنه "سيعود إلى البلاد قريبا". "لوبوان" المجلة الأسبوعية الفرنسية تطرقت، أمس على موقعها في الانترنت، إلى التعتيم الرسمي الشديد الذي يحيط بالوضعية الصحية لبوتفليقة، مضيفة بأنه "بالرغم من هذا التعتيم الذي يعد قاعدة في قمة السلطة بالجزائر، فإن معلومات توصلت إليها المجلة تفيد بأن صحة بوتفليقة لا تتحسن كما يُروَّج له". وأوردت "لوبوان" تصريحات مسؤول فرنسي أسرَّ لها بأن الرئيس الجزائري وصل إلى باريس قبل ثلاثة أسابيع قي "حالة صحية سيئة للغاية"، قبل أن تبرز بأن مصادر طبية أكدت لها بأن "بعض الوظائف الحيوية لبوتفليقة مُصابة بشكل بالغ"، وهي المعلومات التي تضع تصريحات مسؤولين جزائريين تحدثوا عن "جلطة دماغية طفيفة" موضع شكوك" تقول المجلة الفرنسية. وزاد المصدر ذاته بأنه في غياب معلومات شفافة عن الوضعية الصحية للرئيس الجزائري، لجأ المحللون والمتخصصون إلى إطلاق التخمينات، خاصة أن الصور التي ظهر فيها الرئيس بدأت تقل أكثر فأكثر، لتزيد من تعزيز الأخبار التي تؤشر على تدهور صحة بوتفليقة. "إنه بخير طالما يستعمل "الكورتيزون"، يقول دبلوماسي جزائري ليخفي حقيقة صحة الرئيس، فالرجل الذي عمره 76 عاما عانى من مشاكل صحية خطيرة في السنوات الأخيرة، خصوصا سنة 2005، حيث منذ ذلك الحين وهو يضطر إلى استخدام عملية غسيل للكلى من أجل الاستمرار في العيش"، تقول "لوبوان" الفرنسية. ومن جهتها أفادت صحيفة "الوطن" الجزائرية، في عددها يوم السبت، بأن الأخبار القادمة من فرنسا بخصوص صحة بوتفليقة لا تطمئن، حيث إن صحته تبدو متدهورة، فالرجل أكمل الأسبوع الثالث في المستشفى الفرنسي دون أن تظهر له أية صورة تُطمئن الجزائريين. وأبرزت الجريدة بأن "سر" مرض الرئيس الجزائري ليس قضية شخصية حتى يتم إخفاء حقيقته عن الناس، بل هو أم عام يهم المواطنين بالجزائر، لافتة إلى أن مرض الرئيس يُدبَّر في تعتيم كبير يفضي إلى القلق أكثر من الطمأنينة. وتابعت "الوطن" بأنه منذ ذهاب بوتفليقة إلى فرنسا للعلاج في 27 أبريل الفائت، ما فتئ فاعلون سياسيون ووسائل إعلام يطالبون بالشفافية في تدبير موضوع مرض الرئيس، حيث تناسلت أسئلة كثيرة من قبيل "هل الرئيس لا يزال يتواجد في مستشفى "فال دوكراس"، وهل صحته تسمح له بمزاولة مهامه كرئيس دولة، وهل يستطيع إكمال ولايته الرئاسية، ومن يسير دفة الحكم في البلاد.. الوزير الأول عبد المالك سلال سبق له أن صرح بأن "بوتفليقة يتابع يوميا جميع الملفات التي تعرض عليه"، لتتساءل الصحيفة الجزائرية بالقول: "إذا كان الرئيس يتابع جميع الملفات يوميا، لماذا لم تظهر له ولو صورة واحدة كدليل يفك "لغز" مرض الرئيس"، قبل أن يخلص المصدر إلى أن "استراتيجية السلطات السياسية في تدبير موضوع مرض الرئيس لا تخضع لأي مسوغ أو منطق..". وكان الرئيس الجزائري قد نُقل، قبل 3 أسابيع، إلى أحد المستشفيات بالعاصمة الفرنسية لأخذ العلاج بعد "نوبة دماغية مؤقتة وعابرة" ألمت به، وفق ما أوردته وسائل إعلام رسمية جزائرية حينها، غير أن بوتفليقة لم يرجع إلى بلاده رغم التطمينات التي قدمها مسؤولون في الحكومة الجزائرية للرأي العام الداخلي.