يظهر أن الجزائر لم يعد لها " حاجة " تقضيها غير تتبع خطوات المغرب في كل الميادين . ويتبين بالملموس بأن الجزائر السلطوية تعاني من مشكلة الغيرة من المغرب. تلك الغيرة والنحرة التي أصابتها منذ أن تحررت من الاستقلال . وليتها تعاني من الغيرة وحدها ولكن كذلك من مشكلة " حب التملك الأناني" égocentrisme الذي يعرفه الأطفال في مرحلة نمو متقدمة قبل أن يمروا إلى مرحلة نكران الذات abnégation . فمباشرة بعد استقلالها فضلت الحرب مع المغرب على الحوار وإعادة المغرب أراضيه التي ألحقها الاستعمار الفرنسي بأراضي الجزائر. ومباشرة بعد قيام المغرب بالمسيرة الخضراء التاريخية فضلت الجزائر خلق كيان معاد للمغرب عوض مباركة استرجاعه لصحرائه وتشجيعه على استرجاع باقي الثغور استكمالا لوحدته الترابية . وليت القصة انتهت هنا، إذ قررت الجزائر أن تصبح مشاكل المغرب نافذتها على العالم . فالجزائر تستغل قضية الصحراء كورقة متعددة المرامي . فمرة تستعملها لتكميم أفواه المطالبين بالخبز: ومرة تستعملها لقمع المطالبين بحقوق الإنسان ، ومرة تستعملها لابتزاز المغرب، ومرة تستعملها لنسج علاقات دولية، فتستعمل علاقة حقوق الشعوب من أجل الحضور والإشعاع الدوليين. وباستثناء قضية الصحراء يمكن الجزم بأن الجزائر لا تستطيع تأمين أي حضور لها على الصعيد العالمي عدا في الجامعة العربية( وتدخلاتها معروفة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية) ، وكذلك في الإتحاد الإفريقي وهدفها هنا معروف، وهو دائما لخدمة جمهوريتها المزعومة . ودون شك فإن المتتبع للشأن الجزائري سيلاحظ بأن كل المؤتمرات والندوات والمنتديات التي عقدتها الجزائر على أرضها من أجل خدمة أجندتها في محاربة المغرب . فهي تستدعي خبراء وسياسيين وجمعويين فقط من أجل دعم البوليساريو ابنها الغير الشرعي . والواضح أن الجزائر مصممة على ملاحقة المغرب وإحصاء حسناته وسيئاته وتقليد خطواته ، وما علينا إلا أن نقول لها " لَعْنادْ يَديرْ لَقْراضْ" . فبعض القراض رشح هذه الأيام على صفحات بعض جرائدها الإعلامية التي وجدت ضالة أخرى في اتهام المغرب بالتقصير في حق القدس والقدسيين ، مستثمرة ادعاءات عصام العريان ، وكأن الجزائر أقامت العالم من قبل، ولم تقعده مدافعة عن فلسطين، وهي التي خصصت دبلوماسيتها وأموالها لخدمة قضية متطرفين ومحتضني مروجي ممنوعات. لقد جاء على صفحة النهار الجديد " لجنة القدس في المغرب نائمة على التهويد لمدة 13 سنة " والسؤال كم سنة غابت الجزائر عن قضية القدس؟ ماذا قدمت للقدس وللقدسيين؟ لقد كان على النهار الجديد أن تطرح هذا السؤال على نفسها قبل أن تشرع في الخوض فيما قدمه المغرب وفيما لم يقدمه . وحري بالنهار وغير النهار أن تحترم تاريخ المغرب وإنجازات المغاربة . لقد كان للحسن الثاني الفضل في دعوة أشقائه لإنشاء لجنة القدس، ولقد نظم من أجل القدس -التي تأسست بالرباط سنة1975- ثلاث مؤتمرات إسلامية سنوات 69/84/و 1994 . والسؤال كم هو عدد المؤتمرات التي نظمتها الجزائر من أجل القدس ولخدمة القضية الفلسطينية؟ ولا واحد منذ 1969 إلى اليوم. إذن ، لا نريد أن تسقط الجزائر في " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " ومنه لا أحد يملك الحق في مؤاخذة المغرب حول لجنة القدس ، وحول بيت مال القدس الذي يساهم فيه ب80% دون محاولة توظيف خدماته أو الاتجار بالقضية وتسخيرها لأغراض سياسية . وإن الذين يتهمون المغرب بالقصور وعدم اجتماع لجنة القدس لا نظنهم يجهلون بأن هذه اللجنة يمكنها أن تجتمع في أي وقت بدعوة من الأمين العام للمؤتمر الإسلامي كذلك. وزبد الحديث ، يمكن القول أنه لو سخرت الجزائر بعض إمكاناتها لخدمة القضية الفلسطينيةوالقدس ، وبتعاون مع محيطها المغاربي ، لكان خير ما يمكن أن تقدمه دولة إسلامية للفلسطينيين وللإسلام .ولكن للأسف سلطة الجزائر وبعض إعلامها يفضل معاكسة المغرب وعرقلة جهوده . وهو سلوك غير سوي يعطل القطار المغاربي ويضعف الجهد الإسلامي ، ويجعل القوة الإسلامية لخدمة القضية الفلسطينية رخوة ضعيفة إن لم نقل منعدمة الفائدة في مواجهة إسرائيل.