ينتظر أن تعقد لجنة القدس برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ رئيس اللجنة٬ خلال الأسابيع القليلة المقبلة٬ اجتماعا لبحث تطورات قضية القدس٬ وحشد الدعم الممكن للقضية الفلسطينية٬ من أجل مواجهة الممارسات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد الأراضي الفلسطينية ومقدساتها. ويأتي هذا الاجتماع٬ الذي أعلن عنه، مساء أمس الأربعاء٬ بمناسبة الاتصال الهاتفي، الذي تلقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس٬ ليكرس مرة أخرى٬ ويبرز المكانة التي يوليها المغرب للقضية الفلسطينية٬ التي ظلت تعتبرها المملكة منذ سنوات عديدة بمثابة قضية وطنية يلتف حولها كافة المغاربة٬ وهي المكانة التي يعكسها الدور الذي اضطلع به المغرب على مدى تاريخ القضية الفلسطينية٬ والذي تقر به كل مكونات الشعب الفلسطيني وكل المراقبين والمتتبعين للقضية العربية المحورية. وقبيل انعقاد اجتماع لجنة القدس٬ التي تضم دولا عربية وإسلامية فاعلة٬ احتضن المغرب قبل أيام في بوزنيقة (13 15 يناير) اجتماعا فلسطينيا مهما ضم كافة ممثلي الفصائل الفلسطينية٬ واستهدف رأب الصدع٬ وإعادة اللحمة للصف الفلسطيني٬ ووضع حد للانقسام، الذي لا يخدم إلا أعداء الشعب الفلسطيني، وهو الانقسام المستمر منذ سنة 2007. ولم يفت الفصائل الفلسطينية بالمناسبة٬ عقب هذه الاجتماعات٬ التشديد على أهمية المبادرة المغربية غير المسبوقة في تاريخ القضية الفلسطينية٬ إذ أشادت٬ في بيان عنونته ب(إعلان الرباط) ب"الدور الذي يضطلع به جلالة الملك محمد السادس في نصرة قضية الشعب الفلسطيني٬ والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي". وجاء في هذا البيان، أيضا، "إننا نتطلع باهتمام لدور المملكة المغربية الشقيقة٬ ولجلالة الملك محمد السادس حفظه الله٬ من أجل حشد الدعم والتأييد لشعبنا وقضيتنا٬ والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في تماديه واستمراره في تهويد القدس وإقامة المزيد من المستوطنات في عاصمتنا الأبدية. ونلتمس من جلالته حشد الدعم العربي والدولي٬ من أجل القيام بكل ما يترتب من التزامات لتعزيز المصالحة ماديا ومعنويا وفنيا وعلى كل المستويات٬ وتوظيف تجارب المغرب الرائدة٬ ولاسيما تجربته في مجال تطبيق العدالة الانتقالية٬ لإنجاح المصالحة المجتمعية الفلسطينية٬ ودعم الصندوق الوطني لتعويض ضحايا الانقسام". وفي الاتصال الهاتفي، الذي تلقاه جلالة الملك٬ أمس الأربعاء٬ من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس٬ أبدى أبو مازن ارتياحه لانعقاد هذا الاجتماع بالمغرب٬ معربا٬ بالمناسبة٬ عن أمله الكبير في أن يتواصل الحوار الفلسطيني - الفلسطيني تحت رعاية صاحب الجلالة. وسيرا على عادته٬ كان المغرب٬ مرة أخرى٬ في الموعد باحتضانه لاجتماع الفصائل الفلسطينية٬ ثم بمبادرته باحتضان للاجتماع المقبل للجنة القدس٬ التي يتولى المغرب رئاستها منذ عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني. ومن بين المبادرات التي ما فتئ المغرب يقوم بها لفائدة الشعب الفلسطيني٬ إقامة مستشفى عسكري بغزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير٬ قدم خدمات طبية وإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني٬ الذين أشادوا بالعملية٬ وأعربوا عن شكرهم للمملكة على ما تقوم به خدمة للقضية الفلسطينية. وفضلا عن هذا المستشفى٬ استقبل المغرب٬ سواء بعد هذا العدوان أو بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في سنة 2009، في مستشفياته العديد من الجرحى الفلسطينيين٬ وقدم لهم كل ما يلزمهم لاستشفائهم والتخفيف من معاناتهم جراء العدوان الإسرائيلي. إن دعم المغرب٬ ملكا وحكومة وشعبا٬ للقضية الفلسطينية لا يحتاج إلى دليل٬ ذلك أن القضية الفلسطينية ترسخت في وجدان المغاربة منذ البداية٬ وما تزال حاضرة دوما في السياسة والدبلوماسية كما في الإبداع بمختلف صنوفه وفروعه٬ كما هي حاضرة في الاهتمامات شبه اليومية للمغاربة، الذين كان أسلافهم أول من أنشأ حيا خاصا بهم في القدس الشريف أطلق عليه اسم "باب المغاربة".