شكلت المكالمة الهاتفية للملك محمد السادس، متحدثا من فرنسا حيث يقضي عطلته الخاصة، مع حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، بُعيْدَ قرار المجلس الوطني لحزب "الميزان" يوم السبت بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، حجر الزاوية في هذا المُستجد السياسي الذي يعد سابقة من نوعها في تاريخ المغرب المعاصر. وكان الملك قد طلب هاتفيا من شباط استمرار وزراء حزبه في مهامّهم إلى حين رجوعه إلى أرض الوطن، وذلك "ضمانا السير العادي للمؤسسات عبر ترك الوزراء يستمرون في مناصبهم"، وهو ما رد عليه "الاستقلال" ببلاغ قدّر من خلاله حرص الملك على "الاهتمام ضمان شروط الاستقرار٬ وخدمة المصلحة العليا للوطن". واعتبر الكثيرون بأن مكالمة الملك لزعيم الاستقلاليين أطالت أمد حكومة عبد الإله بنكيران بضعة أسابيع أخرى، وأخرجتها من عنق الزجاجة بأن أطالت عمرها ولو إلى حين، بل قد تتيح لبنكيران و"إخوانه" و"رفاقه" أيضا الفرصة لمراجعة أوراقهم والاستعداد لكل الاحتمالات والسيناريوهات المُتداولة. واعتبرت مصادر صحفية مغربية، بأن الرد الملكي على قرار حزب الاستقلال بالانسحاب من الحكومة لم يتأخر كثيرا، حيث بادر "ضامن استقرار البلاد" تأسيسا على مسؤوليته الدستورية والسياسية إلى مهاتفة شباط لينقذ بذلك حكومة بنكيران من "انفجار وشيك"، بالنظر إلى أن حزب الميزان يعد القوة الثانية في الحكومة، وطرفا فاعلا ومؤثرا فيها. وذهب البعض إلى أن بنكيران لم يعد له مجال للتشكي من التماسيح والعفاريت التي "تفزعه" ليل نهار، ولا تعليق تعثر أداء حكومته على مشجب المقربين من الملك، مادام الملك بنفسه قد أتاح عمرا إضافيا للحكومة التي لولا مكالمة الملك لانفجرت سريعا دون اتخاذ الإجراءات الوقائية من حدوث فراغ سياسي بالبلاد. ورأى البعض الآخر في تدخل الملك، وطلبه من شباط بأن يستمر وزراء حزبه في مهامهم إلى حين رجوعه إلى البلاد وتسلمه مذكرة تشرح موقف الحزب، "دعما" لبنكيران أكثر منه لشباط نفسه، وهو ما يفسر "بلع" بنكيران لسانه حتى لا يُساء فهمه، فتوارى عن الأنظار وإطلاق التصريحات، واعتبر أي رأي يسوقه عضو أو مسؤول من حزبه رأيا خاصا لا يُلزم العدالة والتنمية في شيء. ذات المصادر لمّحت إلى أن بنكيران يمارس سياسة ذات وجهين، تقوم على الإشادة بالملك ودوره في الحياة السياسية المغربية، وفي مقابل ذلك يطلق العنان أمام استهداف مساعدي الملك الأقربين من مستشارين، من خلال بعض مناضلي وأطر حزب العدالة والتنمية، في اجتماعات ولقاءات حزبية ونقابية، وبحضور بنكيران ووزرائه. لتشير إلى أنه في الوقت الذي يعمل فيه الملك جاهدا على ضمان استمرار التجربة الحكومية بقيادة حزب العدالة والتنمية، تتصاعد شعارات "التحامل" على المحيط الملكي، من خلال "تهجم" أتباع ومناضلي حزب العدالة والتنمية على مساعدي الملك الأقربين.