اعتبر قياديون في حزب العدالة والتنمية "أن كل الاحتمالات واردة" بعد قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال، الشريك الرئيس في الحكومة، الانسحاب من الأغلبية، ومن المنتظر أن تجتمع الأمانة العامة لحزب المصباح لتدارس السيناريوهات المحتملة للنظر في قرار حزب حميد شباط ليوم أمس. و ذهب المتتبعون للمشهد السياسي في المغرب إلى وجود ثلاثة سيناريوهات مستقبلية للخروج من "الرجة" السياسية التي أحدثها قرار حزب الميزان أمس السبت. التحكيم الملكي رجح عدد من المحللين السياسيين إمكانية تدخل المربع الملكي لحسم أمر استمرار أو انسحاب "الاستقلال" من التحالف الحكومي، وهو ما تم بالفعل ليلة أمس بعد مهاتفة عاهل البلاد لحميد شباط داعيا إياه إلى التريث حتى ينهي عطلته بباريس، وهو ما استجابت له اللجنة التنفيذية لحزب الميزان على الفور في بيانها الذي أكدت فيه "تجاوبها مع دعوة الملك محمد السادس إلى استمرار وزراء الحزب في مهامهم". و كشف البيان عن لقاء مرتقب بين الملك محمد السادس وحميد شباط، لرفع مذكرة في الموضوع، وشرح أسباب الانسحاب، وأعلنت اللجنة في بيانها، مشاطرة المكالمة الهاتفية للملك محمد السادس في "الحرص على ضمان شروط الاستقرار". و هو الرأي الذي ذهب إليه ميلود بلقاضي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء حينها اعتبر قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال بانسحاب من الحكومة "مناورة جديدة من شباط بعد فشل مذكرة المطالب التي رفعها إلى ابن كيران قبل أشهر". و قال بلقاضي في تصريح خاص ل"الرأي" أن لجوء حزب الاستقلال للفصل 42 من الدستور بغرض التحكيم الملكي، هو في الحقيقة "اختباء وراء الفصل 42 من الدستور"، على اعتبار أن قرار الانسحاب ليس سوى مناورة يراد منها تحقيق مكاسب سياسية. انتخابات سابقة لأوانها و أيد قياديون في حزب العدالة والتنمية طرح الذهاب إلى إمكانية تنظيم انتخابات سابقة لأوانها، وهو ما أعلن عنه صراحة خالد الرحموني، عضو الأمانة العامة للحزب، والمحسوب على جناح الصقور في ال "PJD"، عندما أيد في تصريح صحفي عقب صدور قرار حزب الاستقلال، فكرة "حل البرلمان والرجوع إلى الشعب عبر انتخابات سابقة لأوانها، يقول خلالها الشعب كلمته". مسؤول آخر في حزب المصباح وهو عبد الله بوانو صرح أمس السبت، حسب ما نقلت عنه وكالة المغرب العربي للأنباء أن "الدستور فيه كل الاحتمالات واردة"، في إشارة إلى استعداد الحزب لخوض الانتخابات من جهة، واستغرابا من لجوء الاستقلال إلى التحكيم الملكي من جهة أخرى. و قال رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية بمجلس النواب إنه "قد يتم تشكيل أغلبية جديدة أو الذهاب رأسا إلى انتخابات سابقة لأوانها، والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ستجتمع لدراسة الموضوع وقد تتم دعوة المجلس الوطني للحزب للانعقاد من أجل اتخاذ الموقف المناسب". حكومة بدون "الاستقلال" تشكيل حكومة بدون حزب الاستقلال هو سيناريو آخر من السيناريوهات المطروحة على طاولة بن كيران، وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي عبد الرحيم المنار السليمي، الذي أكد أنه "يمكن لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذهاب لإجراء مفاوضات مع أغلبيته الحكومية، لكون حزبه وصل إلى الحكومة عبر عدد كبير من المقاعد البرلمانية، من الصعب عليه المغامرة بها، لذلك سيقوم بمحاولة جمع أغلبية جديدة لاستمراره في التدبير الحكومي. و استبعد أستاذ العلوم السياسية والسياسات العمومية بجامعة محمد الخامس بالرباط أن يكون المغرب قد دخل في أزمة سياسية، معتبرا أن هذا القرار أمر طبيعي داخل قواعد اللعبة السياسية، موضحا أنه لا يمكن الحديث عن الأزمة في حالة استقالة حزب أو حل مجلس النواب أو انسحاب حزب من التحالف الحكومي". نفس الطرح تبناه عزيز رباح القيادي بحزب المصباح، ووزير التجهيز والنقل في تصريح ل "الرأي" حينما أيد فكرة التفاوض مع أحزاب وكتل برلمانية أخرى مساندة للحكومة في البرلمان، وقال في هذا الصدد "نحن في حزب العدالة والتنمية جاهزون لكل الاحتمالات، فيمكن أن نشكل أغلبية من أحزاب أخرى ممثلة في البرلمان، كما يمكن أن نشكل حكومة أقلية". و يبقى التحاق حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاتحاد الدستوري أكثر الاحتمالات ورودا، بعد استبعاد التحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة، وتصريح حكيم بن شماس نائب رئيس الحزب ورئيس فريقه بمجلس المستشارين ل"الرأي" بأن "أمر مشاركة حزبه في الحكومة محسوم من قبل عبد الإله بن كيران نفسه، وفي تصريحات مجموعة من قيادي حزب العدالة والتنمية". و استبعد محللون التحاق حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للتحالف مع الحزب الاسلامي، وهو الرأي الذي زكاه الكاتب الأول للحزب تعقيبا على قرار الاستقلال في تصريح صحفي قائلا: "أمر المشاركة غير ممكن حاليا، ولا يمكنني أن أدلي بأي معلومة". و اتخذ حزب الاستقلال الذي يتولى خمس حقائب وزارية بينها وزارة التربية الوطنية ووزارة الاقتصاد والمالية، القرار الانسحاب من الحكومة بسبب ما اعتبره "عجز رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عن النظر إلى "خطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي" وفق بيان للمجلس الوطني للحزب، كذلك، اتهم الحزب بن كيران ب"احتكار القرارات داخل الحكومة". و منذ انتخابه على رأس حزب الاستقلال في سبتمبر 2012، كرر حميد شباط خرجاته الإعلامية مهاجما حكومة بنكيران ومتهما إياها بسوء الإدارة، آخرها اتهام وزراء بالسُّكر.