فعلها شباط واحتكم إلى مجلسه الوطني، واختار الانسحاب من حكومة العبث. والمجلس الوطني لحزب الاستقلال سيد نفسه وقراراته، ومن يتحدث عن جهات عليا تملي الأوامر فهو يهين ألف عضو في برلمان حزب الاستقلال. يجب أن ننتهي من نظرية المؤامرة التي تسكن عقول البعض، وحان الوقت ليعترف السيد بنكيران بفشله في التدبير الحكومي. لأنه اليوم "شهد شاهد من أهلها" وليست المعارضة اليوم من تسقط حكومة بنكيران، وانما مكون من مكونات الأغلبية وحليف استراتيجي يمتلك 60 مقعداً في مجلس النواب. ولعل فئة من المغاربة كانوا متعاطفين مع السيد رئيس الحكومة عندما كانت تنتقده المعارضة ويتهمونها بالتشويش عليه، لكن لا أظن أن هناك اليوم من سيتعاطف مع أغلبية تتهاوى بمفردها وتتطاحن فيما بينها. يمكن أن نقول اليوم بأن مسلسل العبث انتهى وبدأت الأمور ترجع إلى طبيعتها، فالتحالف الحكومي أساساً لم يكن منذ البداية منسجماً لا ايديولوجياً ولا سياسياً. ماذا يجمع الإسلامي بالشيوعي، وماذا يجمع الحزب الذي يتوفر على 107 مقاعد بحزب يتوفر على 18 مقعد ؟ وما الذي يجمع الحزب الذي قاد الحكومة السابقة بالحزب الذي كان يعارضه لسنوات ؟ هو تحالف هجين ببساطة، وانسحاب الاستقلال اليوم هو نتيجة طبيعية كان جميع المحللين السياسيين يجمعون على احتمال حدوثها إن عاجلاً أم آجلاً. الآن بعد اتخاذ المجلس الوطني لحزب الاستقلال لقراره، ماهي السيناريوهات المحتملة ؟ ببساطة هناك أربعة سيناريوهات ممكنة دستورياً : - السيناريو الأول : ألا ينفذ المكتب التنفيذي لحزب الاستقلال هذا القرار، وتستمر الأمور على ما كانت عليه. وهذا احتمال ضعيف جداً لأن الأمين العام للاستقلال صرح بأن مكتبه التنفيذي سينفذ قرارات المجلس الوطني، ولأن التصريحات المتبادلة بين قياديي الاستقلال والعدالة والتنمية وصلت إلى نقطة اللاعودة. - السيناريو الثاني : أن ينفذ المكتب التنفيذي قرار الانسحاب، ويبقي الباب مفتوحاً للعودة في حالة ما إذا وافق رئيس الحكومة على شروط شباط، وفي مقدمتها تعديل حكومي وتنازل العدالة والتنمية على حقائب مهمة كالتجهيز والنقل. - السيناريو الثالث : أن ينسحب حزب الاستقلال ويتمكن بنكيران من تعويضه بحزب أو حزبين يمتلكان نفس العدد من المقاعد. وهذا أمر جد مستعصي لأن الخيارات المتاحة هي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي، وكلها أحزاب مناهضة للإسلاميين. - السيناريو الرابع : أن ينسحب الاستقلال، ويعلن رئيس الحكومة بعد التشاور مع الملك ورئيس مجلس النواب عن انتخابات مبكرة يحتكم فيها الجميع إلى الشعب لإعادة رسم الخريطة السياسية. كل هذه السيناريوهات تبقى واردة، لكن يبقى الخيار الأنسب للجميع هو الاحتكام إلى الشعب ليعطي الشرعية لمن يستحق بعد أن جرب عاماً ونصف من حكم الإسلاميين، وبعد أن شاهد جميع الأحزاب تنشر غسيلها داخل البرلمان على الهواء مباشرةً، وبعد أن رأى النتائج المبهرة التي حققتها الحكومة في كل المجالات والازدهار الذي عرفة الاقتصاد و تراجع الأثمنة في عصر العدالة والتنمية .. في تركيا طبعا وليس في المغرب. لخبار فراسكم