على وقع مطالب بمزيد من شحذ الهمم، يتذكر "الأساتذة المتعاقدون" لحظة التأسيس الأول لتنسيقيتهم، التي تتزامن مع بدايات شهر مارس من كل سنة، آملين أن تصل 6 أعوام من الاحتجاج إلى تسوية للملف. وعلى امتداد السنوات الماضية، اشتهر اسم "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" على صعيد واسع، خصوصا أمام تجدد الفعل الاحتجاجي، وارتباطه بقطاع التربية والتعليم. وقافزا نحو عتبة 102 ألف أستاذ متعاقد، سيكون ملف التدريس من بوابة أطر الأكاديميات على موعد صدام متكرر مع وزارة التربية الوطنية، هذه المرة برقم يتجاوز المائة ألف، عقب فتح مباراة الموسم المقبل وتخصيص 17 ألف منصب جديد يضاف إلى 85 ألفا الحالية. ويرفضُ المتعاقدون الإبقاء على "خيار التّعاقد"؛ لأنّه، بحسبهم، لا يعكسُ جودة التّعليم، وينقص من هامش تحرّك الأساتذة، ويضرب استقرارهم وأمنهم الوظيفي، داعين إلى إسقاطهِ وإدماج كلّ الأطر التعليمية في الوظيفة العمومية. ورغم سلسلة الحوارات الماراثونية بين المتنازعين فإن الوضع مازال ثابتا بين الوزارة والمتعاقدين؛ فيما يظل الهاجس الأكبر للمسؤولين هو استمرار التحاق الأفواج الجديدة بالاحتجاجات، ما يصعب مأمورية حل الملف ويوسع دائرة الرافضين. حقيقة واضحة عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، أورد أن القطاع تضرر كثيرا من اعتماد نظام التعاقد، مؤكدا أن الحقيقة واضحة رغم محاولات تبييض الوجه. وأضاف الإدريسي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الخطير هو امتداد الأمر داخل منظومة التربية وتجاوزه التدريس نحو مهام أخرى"، معتبرا استدامة التعاقد بمثابة "استمرار للهشاشة والقلق في صفوف الأساتذة". وأشار المتحدث إلى أن البلدان التي تستثمر في قطاع التعليم تشجع المدرسين عبر الأجور والتحفيز والتكوين، وكذا اختيار أجود العناصر وسط المجتمع لتولي مهمة تعليم الأجيال القادمة. ورفض القيادي النقابي ما أسماها "المقاربة القمعية التي تدبر بها الدولة ملف الأساتذة المتعاقدين"، وزاد: "من الغريب غياب الحوار القطاعي إلى حدود اللحظة، وفي المقابل تواصل الحكومة اعتماد الخطة دون جديد". تدمير المنظومة عبد الغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، عاد إلى موقف نقابته مع صدور المرسوم الحكومي الذي وقعه عبد الإله بنكيران، حيث رفض بالبت والمطلق اعتماد الصيغة الجديدة في التوظيف. وأوضح الراقي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الحكومة تجاهلت مطالب المركزيات ومضت في التوظيف بهذا النمط، بل وتمادت بمنحها الفرصة للفوج الأول دون تكوين يذكر. واشتكى القيادي النقابي من انتقال التعاقد إلى وظائف أخرى في القطاع، "وهو ما يجعلنا أمام توجه نحو تعميم الأمر"، منبها إلى وصول العدد إلى ثلث رجال ونساء التعليم، وفي السنوات المقبلة قد يتضاعف. واعتبر الراقي خيار التعاقد "مدمرا للمنظومة" بالعودة إلى حجم الإضرابات والمشاكل التي تراكمت منذ اعتماده، معتبرا الهدف منه هو "ضمان تفوق التعليم الخصوصي، ونزوح التلاميذ بكثرة نحوه".