كانت السماء مكفهرة، وكل البوادر والعلامات توحي بنزول زخات مطرية قوية زادتها الرياح قوة. هكذا بدت الإشارات الأولى لليوم الحزين والمرعب الذي عاشته ساكنة مدينة تطوان عقب الأمطار الطوفانية التي أغرقت أحياء بأكملها. وبين ناجين من الفاجعة وغرقى في الأوحال والسيول، برز غير قليل من الرعب وخسائر مادية جسيمة شملت عشرات المركبات والسيارات في العديد من الأحياء، مثل "جامع مزواق" و"خندق زربوح" و"الطويلع" و"بوسافو" و"الرمانة" و"حومة دالبير" و"جبل درسة"، حيث تدخلت سواعد الشبان لانتشال الأجساد التي جرفتها السيول في مشاهد محفوفة بالهلع والخوف امتزجت فيها رائحة الموت بعبق التضامن والتضحية. فادي وكيلي عسراوي، فاعل سياسي ومدني، وصف التساقطات المطرية التي شهدتها المنطقة ب"غير المسبوقة"، مشيرا إلى تحول شوارع المدينة إلى وديان جارفة كادت تودي بحياة بعض المواطنين، خاصة على مستوى البربورين، حيث تم إنقاذ طفل لم يستطع مقاومة قوّة التيار المائي من موت محقق. وكشف المتحدث تسجيل خسائر فادحة بالعشرات من العربات التي كانت مركونة بالشارع العام، وتوقف حركة السير والجولان بالعديد من المحاور الطرقية، دون إغفال تضرر المنازل، خاصة بالأحياء الشعبية التي غمرتها المياه مخلفة خسائر بالأثاث والتجهيزات الإلكترونية. وقال فادي، الذي يشغل مهمة الكاتب الإقليمي للشبيبة الاتحادية بتطوان، لهسبريس، إن "طوفان تطوان يسائل جدوى إصدار النشرات الجوية الانذارية إذا لم تواكبها استعدادات من طرف الجماعة الترابية والشركة المفوض إليها تدبير القطاع"، موردا أن "هذه السيول عرت بالملموس ضعف البنية التحتية وأظهرت لا مبالاة المسؤولين الموكول إليهم مهمة تدبير الشأن العام واستهتارهم". واستنكر الفاعل المدني غياب تنسيق مسبق بين المجلس الجماعي والشركة المفوض إليها تدبير القطاع وعمال الإنعاش للتدخل بشكل مسبق، من خلال تنظيف مجاري المياه وفتح البالوعات في إطار التفاعل مع تحذيرات مديرية الأرصاد الجوية. وشدد المتحدث على أن "هذه الأحداث يجب ألّا تمر مرور الكرام"، داعيا إلى تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة في هذه الواقعة، مستحضرا قيم التضامن والإيثار والجود والتضحية التي أبانت عنها مختلف شرائح المجتمع في المساعدة على تخليص المنازل من مخلفات الفيضان، مسجلا غياب المسؤولين الذين من المفترض أنهم في خدمة المواطن. وشهدت مدينة تطوان تساقطات غزيرة قدرت بحوالي 56 ملم، وبدت عدد من شوارع المدينة غارقة تماما في المياه، حيث ظهرت فقط أسطح السيارات، بينما عرضت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد للسيول وهي تجر مجموعة من السيارات والمواطنين على حد سواء دون أن تخلف خسائر في الأرواح.