"كل العداوات قد ترجى مودتها إلا عداوة من عاداك من حسد" منذ فجر استقلال الجزائر سنة 1962، ما فتئ حكامها يناورون ضد المغرب وينعتونه بالملكية الرجعية ومختلف العبارات القدحية، والاعتداءات الممنهجة، وقد أشار إلى ذلك المرحوم الحسن الثاني لما قال: "إن مشكلة الجزائر ليست هي مشكلة حدود وإنما مشكلة أيديولوجيا". بل تورطت الجزائر مع دول عربية أخرى آنذاك، تكن العداء التاريخي للمغرب وتحاول زعزعة استقراره لعلمها علم اليقين أن الملكية بتاريخها المجيد هي رمز استقراره وكرامته وريادته، فكان الوطن آنذاك رحيما بأبنائه غفورا لهم، من أنصار التيه الأيديولوجي المناهض للمغرب، الذي لقنته الجارة لبعض الشباب تحت يافطة حقوق الإنسان والمبادئ التقدمية ليثور في وجه وطنه، ليس حبا لخير هذا الوطن وإنما في محاولة تحقيق حلم راود الجزائر المتمثل في الزعامة l'hégémonie وإرضاء لهاجس والغرور والزهو وتفريغ الحقد الدفين الناتج عن الغيرة والحسد. أتعجب كيف يستمر حقد الجزائر على المغرب، وكيف تمكن السلف من توريث الحقد للخلف عن طريق عمليات غسل الدماغ وبذل المال للأبواق المأجورة ونشر الأكاذيب وتلفيق التهم واختلاق الوقائع والركوب على حقوق الشعوب، وكأن الجزائر تنصب نفسها ولي من لا ولي له والحَكَم الأعلى القابض بيد من حديد على قواعد القانون الدولي الإنساني. نذكرهم إذا كانت تنفع الذكرى فقط بطرد آلاف المواطنين المغاربة من الجزائر ليلة عيد الأضحى، مع تجريدهم من أمتعتهم وفصل الرضع عن أمهاتهم، والزوجات عن أزواجهم، وتهجيرهم في ظروف قاسية يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان. نذكر البعض إذا كانت تنفع الذكرى عن مختلف مناورات دول جارة تقاسمنا معها النضال المشترك مستعينة بدول أخرى لزعزعة نظام المغرب والنيل من استقراره. نذكر هم بما بذله المغرب من مجهودات منذ فجر الاستقلال لمساندة دول الجوار وغيرها، وبمجرد أن اشتد ساعد البعض تم رميه بسهامهم الغادرة. منذ نعومة أظافري وأنا أتساءل عن سبب وجود ثأر بين البلدين، ثأر فجر أكثر من حرب بسوس، بل كل الحروب عبر العقود والأجيال انتهت ولو بعدد مخيف من ضحايا الحرب، فدمر حائط برلين وفتر الحقد بين أعداء التاريخ بريطانياوفرنسا، وتصالحت ألمانيا مع فرنسا ومن ثم انطلق الاتحاد الأوروبي رغم جروح الماضي، وأعلنت حروب أعقبتها هدنة وصلح، وتستمر الجزائر في نفث السموم تجاه المغرب، تنفث السموم وهي لا تعلم أن سم الأفاعي سرى في عروقنا واكسبنا المناعة! ويستمر المغرب بخطى ثابتة منطلقا من ماض عتيد حافل بأمجاد تاريخية عبر العقود والأجيال، إلى مستقبل واعد رغم الحقد الدفين وكيد الكائدين. قال ابن المعتز: اصبر على كيد الحسود ** فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها ** إن لم تجد ما تأكله