بعد أيّام من خرجات زعماء تنظيم البوليساريو أتت تصريحات مسؤول جزائري تتعاطى مع الانتصار الديبلوماسي الأخير الذي حققته الرباط ضدّ توسع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.. ويتعلق الأمر بكلام رئيس البرلمان الجزائري الذي ذهب إلى القول بأن المقترح الأمريكي "أحدث هلعاً كبيرا في أوساط الطبقة السياسية والحكومة المغربية" ثمّ أردف أن "لسحب القرار ما بعده".. كل هذا بتزامن مثير مع تحركات طالت مدن العيون وبوجدور والسمارة، على امتداد أيام الأخيرة، في صورة احتجاجات عديدة أدَّت لمُواجهات بين من يشتهرون ب "انفصاليي الداخل" وعناصر القوات العموميّة.. في حين أفضت سياسة "ضبط النفس" المفعّلة أمنيا إلى إصابات تركزت غالبيتها في صفوف عناصر الشرطة، وأيضا خسائر بالممتلكات الخاصة والعمومية. من جهته، اعتبر الدكتور عبد الفتاح الفاتحي أن الجزائر تعيش اليوم نشوة تأزيم العلاقات المغربية - الأمريكية بعد أن تقدَّمت الخارجية الأمريكية بقرار توسيع صلاحيات المينورسو بالصحراء من دون أن تستشير حليفها الإستراتيجي المغرب؛ واقع النشوة هذه يُفَسر جزائريا أنه انتصار لمشروع عقيدتها العسكرية والسياسية لإضعاف المغرب جيوسياسيا وإقليميا، مما يُمكِّنها من مجال ترابي شاسع تفرض به هيمنتها على المنطقة المغاربية. وانْبَرى الخبير المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي إلى القول ضمن تصريح لهسبريس، إن مواقف العسكريين في الجزائر توجِّه خطابات جبهة البوليساريو، بعد أن سارعت الجبهة إلى تحية الولاياتالمتحدةالأمريكية على مشروع قرارها وإن سَحَبَتهُ؛ نيابة عن الدبلوماسية الجزائرية، التي أدَّت مقابل ذلك عمولات كبيرة للُّوبي الأمريكي كمؤسسة كينيدي لحقوق الإنسان؛ موضحا أن حالة الرضا هذه يُترجمها موقفهم التفاوضي بشأن نزاع الصحراء الذي قد يتقوى على الموقف المغربي الذي يعيش ضغط الورقة الحقوقية. الفاتحي أوضح أن معنى إشارات التهديد الجزائرية حِيال المغرب لا تعدو أن تكون جزءً من حرب نفسية لإرباك المغرب، بعدما اعتبرت أنها تعرضت لهجوم إعلامي مغربي رسمي في الفترة الأخيرة، وهي بذلك تُلمِّح إلى أنها سترد للمغرب الصاع صاعين، عبر توجيه مُجنَّديها من انفصاليي الداخل الذي كونتهم في جامعاتها الصيفية لتأجيج الشارع الصحراوي نحو مزيد من تسويد صورة المغرب الحقوقية أمام الهيئات الحقوقية والإعلامية التي حجَّت إلى الأقاليم الجنوبية لتنظيم احتجاجات تَحت الطَّلب. وزاد المتحدث في ذات الصدد، أن المنتظم الدولي اليوم يَعي لعبة الصراع الإقليمي بين البلدين، وأنه لن يُخلَّ بالتوازن بينهما في تدبير القضايا الخلافية، وأن المعركة الحقوقية بين المغرب والجزائر سِجال. كما أن المغرب يعي أن الضربة التي لا تُؤذيه تُقوِّيه، فضلا إلى أنه يمتلك الكثير من الأوراق التي لم يلعبها بعد" يقول الفاتحي مؤكدا أن المغرب لن يتفرَّج على الشَّرَك الجزائري لأنه ليس بواحة حقوق الإنسان في المنطقة، عملا بمقولة "من كان بيته من الزجاج لا يرمي الناس بالحجارة". إلى ذلك، جدَّد الخبير تأكيدَه على ألاَّ أحد يمكن أن يثق في خطابات الساسة الجزائريين بعدم وجود أطماع لعسْكريِّيها في التمدد المَجالي والترابي على حساب المغرب بعد أن استولت على أجزاء من صحراء المغرب الشرقية، ومنها: تلمسان وكورارة وتيدي كلت وكلوم وبشار وادرار وتندوف ومنطقة توات بكاملها، "ذلك أن العقيدة العسكرية للجزائر تهدف إلى تحقيق حلم الإمبراطورية الجزائرية الكبرى التي تقود المنطقة المغاربية وتُهيمن على إفريقيا بحكم فضاء صحرائها المفتوح على منطقة الساحل والصحراء" يورد الفاتحي. وختم المحلل كلامه لجريدة هسبريس الإلكترونية، بالتأكيد على أن المغرب وإن انسلَّ من الشَّرَك الذي نَصَبَتهُ له الجزائر و"البوليساريو" عبر آليات حقوقية دولية وأمريكية بعد أن تم سحب قرار خَلق جهاز أممي دولي مستقل لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، فإن ذلك يُبقي موقفه في حالة خطر لمواجهة العديد من تحرشات انفصالي الداخل ومن الإعلام الجزائري والبوليساريو خلال فترة تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى أبريل 2014، ولذلك يُتوقع أن تعمد الجزائر والبوليساريو إلى استراتيجية الإنهاك عبر إطالة أمد النزاع لتقوية موقفها من تداعيات ورقة حقوق الإنسان أمام الموقف التفاوضي للمغرب.