فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    تفاصيل مرسوم رفع "السميك والسماك"    أداء إيجابي في افتتاج بورصة البيضاء    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" بعد صراع مع السرطان    ألمانيا: حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة    أذربيجان تعلّق رحلات إلى 7 مدن روسية    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    كولر مدرب الأهلي يشيد بمستوى عطية الله    توقيف خمسة أشخاص لتورطهم في السياقة الخطيرة وتعريض مستعملي الطريق للخطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الدرك يحرر 19 محتجزا من ضيعة فلاحية    هذا واقع إنتاج القنب الهندي المقنن برسم سنة 2024    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    دراجات: أشرف الدغمي يحرز الميدالية البرونزية في مسابقة النقاط ضمن منافسات اليوم الأول من البطولة العربية للمضمار    تأجيل جلسة محاكمة الناصري وبعيوي في قضية "إسكوبار الصحراء" إلى الجمعة المقبل    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    دوري أبطال افريقيا: تحكيم بوروندي لمباراة الجيش الملكي ومانييما أنيون الكونغولي    الصين تجهز روبوت لاستكشاف القمر    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق الأب والأبناء تسجل ملاحظات حول تعديلات مدونة الأسرة عبر "رسالة 24"    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    غرق قارب مهاجرين قبالة السواحل المغربية.. إنقاذ 11 شخصا وفقدان 70 آخرين    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    غوارديولا يتحدث عن إمكانية عقد صفقات جديدة في يناير    إسرائيل تعلن استمرار ضرباتها على الحوثيين في اليمن حتى اكتمال المهمة    تقرير أمريكي: المغاربة أكثر الشعوب تعايشا وتسامحا في العالم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    طعن مسؤول أمني تونسي خلال عملية إيقاف مطلوب للعدالة بتهم الإرهاب    "ناسا" تعلن أن مركبة فضائية تابعة لها "آمنة" بعد اقترابها من الشمس    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    الوزير بركة يستقبل مورو لتسريع مشاريع البنيات التحتية بجهة الشمال    التحكيم المغربي يحقق إنجازًا عالميًا.. بشرى الكربوبي بين أفضل 5 حكمات في العالم    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الحكومة تحدد شروط منح تعويض لمؤطري التكوين المستمر بوزارة التعليم    70 مفقودا في غرق قارب مهاجرين    وهبي يقدم عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    مجلس الحكومة يصادق على قائمة الرخص الاستثنائية التي يستفيد منها القضاة    مباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غنيمة الربيع العربي
نشر في هسبريس يوم 27 - 04 - 2013

هل كان الربيع العربي مجرد حمل كاذب ؟ هل سرق الأصوليون هذا الربيع وحولوه الى خريف كئيب بلا حرية ولا ديمقراطية ولا تنمية ؟ هل كان المتحمسون الى تغيير خارطة الاستبداد العربي مجرد مغفلين سذج صدقوا ان المجتمعات العربية والأمازيغية والكردية ... يمكن ان تلد موجة رابعة من الديمقراطية على غرار ما وقع في اوروبا الشرقية مطلع التسعينات من القرن الماضي.
كل هذه الأسئلة مشروعة لكن ما هو غير مشروع هو تصديق حكاية ان تستمر السلطية العربية حاكمة الى اخر الزمان على شعوب فقيرة وخائفة ومهمشة وبالكاد تؤمن لقمة العيش.
الربيع العربي مازال في بداياته والذي صدق ان الديمقراطية كثقافة ومؤسسات وفلسفة حكم ستقوم في اليوم الموالي لهرب بنعلي او تنحي مبارك او مقتل القذافي او إحراق على عبد الله صالح او اعلان الحرب على الاسد واهم. التحولات الكبرى في المجتمعات تنضج على نار هادئة وليست أكلة هامبورغر تطبخ في دقائق وتوكل في دقائق.
مسار التحول نحو دولة الحق والقانون ومجتمعات الحداثة والحرية ومؤسسات التعاقد الاجتماعي مسار طويل ومعقد وفيه خطوات الى الامام وخطوات الى الوراء وفيه تداخل عجيب لممارسات من الماضي وأخرى من الحاضر لكن اتجاهه العام هو التحول الديمقراطي.
المجتمعات العربية مخترقة بافة القبلية والطائفية والمذهبية والتسلطية وعلى مدار قرون عاشت وتعايشت مع هذه الفيروسات لدرجة ان هذه الامراض خلقت في الجسم العربي مضادات حيوية للإصلاح .
الذي يريد ان يجري كشفا لصحة هذه الدول ما عليه الا ان يطلع تقارير التنمية البشرية التي أعدتها الامم المتحدة عن كل الدول العربية في العشر سنوات الماضية. وسيكتشف حجم التصحر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي ضرب هذه القطعة الجغرافية من العالم والتي تعيش منفصلة تماماً عن العصر وقيمه وتطوره ورقي أممه.
هذه التقارير هي أكبر ( مانفيستو) ثوري صدر ضد أنظمة الاستبداد العربي في العقد الاخير ولهذا فان سقوط هذه الأنظمة او ضعفها كان منتظرا ولا يجب ان نبكي على زوالها لان الذي وصل بهذه المجتمعات الى ماهي عليه الان هي هذه الأنظمة.
الان دعونا من حكاية (لا تغير صاحبك الا بما هو أسوء ) ولن مر الى تجربة الإسلاميين الذين يحكمون جل دول الربيع العربي الان. اولا هؤلاء ركبوا على ثورة الشباب ولم يقودها ولو لم يتحرك هؤلاء الشباب لظلت هذه الأنظمة سنوات اخرى في مكانها لان الإسلاميين وان كانت شعبيتهم كبيرة فان سمعتهم كانت سيئة جداً في الخارج وفي جزء من الداخل.
ثانيا الإسلاميون أبناء بيئتهم ولم تستوردهم هذه المجتمعات هنا ولدوا وهنا كبروا وهنا تعلموا وهنا اعتنقوا الفكر الديني الذي يحركهم وهم صعدوا الى كراسي الحكم بواسطة انتخابات حرة هي الاكثر شفافية في كل الانتخابات التي سبقت وصولهم الى الحكم. ثالثا الإسلاميون اليوم ارتكبوا أخطاء كثيرة في إدارة الحكم وأولها استعجالهم في الإمساك بعصا السلطة وليس آخرها عدم توفرهم على مشروع (نهضة ) لهذه الامة. لقد وجدوا ان كل الثرات الفكري والسياسي الذي راكموه في سراديب المعارضة لا يصلح لإدارة وزارة واحدة فكيف بدولة لهذا رايناهم يقفون على أعتاب المؤسسات الدولية يطلبون الإعانة ورأناهم يبتلعون نقدهم لأمريكا ويتمسحون بها طبعا للإعانة.
كل هذا صحيح لكن الصحيح أيضاً ان خصومهم من الليبراليين واليساريين والعلمانيين والعروبيين ليسوا افضل حالا منهم بالعكس الإسلاميين مع كل عيوبهم لهم تجذر في القاع الاجتماعي ليس لخصومهم الذين يظهرون وانهم نبتة حائطية بلا جذور. يقول مارك لينش، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن ومؤلف كتاب «الثورة العربية: الثورات التي لم تنته في الشرق الأوسط الجديد»، إنمأساة يسار الوسط العربي معقدة للغاية، لأن الكثير من العلمانيين والنخبة السياسية المتشبعة نظريا بثقافة الغرب والذين يمكنهم قيادة أحزاب جديدة تمثل يسار الوسط، قد «أضعفتهم علاقاتهم بالأنظمة السابقة وشوهت صورتهم في أعين عامة الشعب».
في كل هذه الصورة القاتمة هناك نافذة يدخل منها بعض النور. مساحة الحرية الموجودة اليوم في مصر وتونس وليبيا واليمن والمغرب .... اكبر مما كانت امس. وهذا ليس لان الإسلاميين هداهم الله الى احترام هذه النعمة. بل لان المجتمعات صارت اقل خوفا من السلطة ولم يعد الناس يقبلون ان يغلقوا أفواههم ولا يفتحوها سوى في عيادة طبيب الأسنان. هذه هي غنيمة الربيع العربي الباقي سيأتي مع الزمن ومع النجاح والفشل ومع الوقوف والسقوط ،المسلسل مازال في بدايته.
❊ مدير نشر "أخبار اليوم المغربية"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.