نظم مجلس المستشارين٬ اليوم الجمعة٬ حفلا رمزيا يخلد توقيع أول معاهدة بين المغرب والنمسا، سنة 1783 بين السلطان سيدي محمد بن عبد الله والإمبراطور جوزيف الثاني٬ تحت شعار "السلام الدائم والتجارة".. وقد قال رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله٬ في كلمة بالمناسبة٬ إن المغرب، الذي ما فتئ يشكل حلقة وصل بين العطاء الحضاري العربي والإغريقي والهندي، "تأتى له القيام بهذا الدور الاستراتيجي بفضل تبنيه المبكر للخيار الديمقراطي والتزامه بالقيم الكونية النبيلة وانفتاحه المستمر على مختلف بلدان المعمور٬ وأيضا بفضل قدرته المتجددة على استباق مستلزمات دينامية التغيير وتبنيه لتعاقد مجتمعي مبتكر ومستشرف للمستقبل". وأضاف بيد الله أن زيارة الوفد النمساوي للمغرب "شهادة على الطاقة الخلاقة التي يجليها التجاوب البناء مع أسئلة التاريخ وعمق التلاقح الحضاري الذي تم بناء صرحه على أسس منيعة ورافعات قوية٬ في مقدمتها التبادل التجاري الذي يشهد نموا مطردا منذ انطلاقه٬ مرسخا تجذره وتجدده منذ ثلاثة قرون حينما تم توقيع أول اتفاقية تجارية بين المغرب والنمسا مقرونة بإرسال أول بعثة دبلوماسية مغربية لفيينا".. كما أبرز أن العلاقات المغربية النمساوية تستمد متانتها أيضا من التاريخ المشترك للتضامن الإنساني والذي جسدته مساهمة المغاربة في مواجهة الحرب النازية ضمن صفوف الجيش الفرنسي ومشاركتهم المستميتة في تحرير النمسا من قبضة النازية٬ معتبرا أن هذه الزيارة تضيف لبنة في تقوية علاقات التعاون التاريخية بين المغرب والنمسا والارتقاء بها إلى شراكة منتجة ومستديمة. رئيس المجلس الفدرالي النمساوي، إدغار مايار، عبر بذات المناسبة عن ارتياحه لمستوى العلاقات القائمة بين المؤسستين التشريعيتين للبلدين من خلال مجموعة الصداقة المغربية- النمساوية التي تعكس الرغبة في تبادل الخبرات في مجال سير المؤسسات الديمقراطية والتعرف على الممارسات الجيدة وإقامة قاعدة للثقة.. وقال إن المغرب عرف تطورا دستوريا كبيرا خلال سنة 2011 نتيجة "الربيع"بفضل حكمة وتبصر الملك محمد السادس٬ مشيرا إلى أن المقتضيات والمبادئ التي نص عليها الدستور كانت موضوع إشادة من قبل المجتمع الدولي. ومن جهة أخرى٬ استعرض عضو أكاديمية المملكة عبد الهادي التازي بعض المحطات التاريخية للعلاقات المغربية النمساوية٬ مشيرا إلى البعثة الضخمة التي أرسلها السلطان سيدي محمد بن عبد الله إلى الإمبراطور جوزيف الثاني والهدايا التي كانت تعطي فكرة عن البيئة المغربية وعن الوضع الدولي للمغرب.. وذكر السيد التازي في هذا السياق٬ بأن مهمة سفارة الملك محمد الثالث لدى الإمبراطور جوزيف الثاني كان لها هدف إنساني حضاري نبيل يتمثل في المساعي الحميدة التي قام بها ملك المغرب من أجل تطويق الخلاف بين تركيا والنمسا. الحفل الذي حضره رئيس مجلس النواب كريم غلاب والمدير المساعد للأرشيفات الوطنية التاريخية بجمهورية النمسا٬ ومدير الخزانة الملكية أحمد شوقي بنبين٬ اختتم بتسليم صورة طبق الأصل من المعاهدة الجامعة للمغرب والنمسا لمجلس المستشارين واستعراض الوثائق المرتبطة بها.