لا يختلف اثنان اليوم على أن السحر انقلب على الساحر فانكسرت شوكة الجزائر وأخفق منطق دبلوماسية النفط والغاز لصالح المغرب ولإرادته السياسية الصادقة لحل نزاع الصحراء أطول النزاعات العربية عمرا . الآن وقد تلاشت الأزمة ونجحت الرباط في انتزاع صيغة توافقية تعدل مقترح واشنطن حول حدود وصلاحيات بعثة المينورسو يقتضي منطق الرشادة السياسية والفكرية الاستعداد لما قد يحدث من خلال استنباط العبر والدروس مما حدث وأفرزته دبلوماسية كريستوفر روس, ولعل أكثر الأمور إلحاحا اليوم خلق توازن في التعاطي مع مسألة حقوق الإنسان البوابة التي تطل عبرها الولاياتالمتحدةالأمريكية لإعادة ترتيب أولوياتها واستراتيجيتها بمنطقة شمال افريقيا وفضاء الساحل والصحراء. عند هذه النقطة بالذات يجمع فقهاء القانون على أن النصوص وحدها لا تكفي وأن فك الالتباس الأمريكي في العلاقة بين النص والواقع يجب أن يتم عبر قنوات أكثرها إلحاحا اليوم المجلس الوطني لحقوق الإنسان الهيئة التي أحدثت قبل عامين و بإرادة ملكية من أجل النهوض بحقوق الإنسان وتجاوز الدور الاستشاري الذي ظل منوطا لسنوات بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. مجلس إدريس اليازمي يجب أن يعمل وبفاعلية من خلال عاملين إجرائيين اثنين أولهما تمتيع المجلس باستقلاليته إزاء السلطات العامة وثانيهما منح المجلس الصلاحيات التي تمكنه من حماية حقوق الإنسان قولا وفعلا. إلى جانب مجلس اليازمي وزملائه تقتضي كبوة المقترح الأمريكي للتاسع من أبريل فتح نقاش معمق وصريح حول إدارة القرارات في السياسة الخارجية وأداء جهاز الدبلوماسية دون إغفال الرهان الاستراتيجي القائم في هذا السياق على تفعيل الدبلوماسية الموازية بشكل يساعد في بلورة التوجهات المرتبطة بالسياسة الخارجية. وهنا تحضرني شهادة الناشطة الجمعوية المغربية بالولاياتالمتحدةالأمريكية ياسمين الحسناوي حين سألتها في الموضوع قبل عامين فكانت الإجابة صادمة عندما اكتشفت عبر هذه الباحثة المختصة في شؤون الصحراء كيف يروج دعاة الانفصال بالديار الأمريكية وخصوصا بالمدرجات الجامعية لطروحات مغلوطة عن المغرب وعن طبيعة وخلفيات نزاع الصحراء وكيف تغيب عن المكتبات الجامعية الأمريكية مؤلفات تقرب الطالب الأمريكي من مقاربة المغرب للقضية. إن محاصرة نشاط الانفصاليين في عواصم القرار الدولي يجب أن تتم عبر اعتماد مقاربة شمولية تنبني إلى جانب بعدها المؤسساتي على بعد عملي يكفل للدبلوماسية الموازية الاضطلاع بدول فاعل في الحفاظ على ثوابت المغرب في سياسته الخارجية وهنا يبرز حجم المسؤولية الملقاة اليوم على عاتق الإعلام وكفاءات الجالية المغربية المقيمة بالخارج ومنظمات المجتمع المدني والبرلمان والأحزاب السياسية, تنشيط هذه القنوات كفيل اليوم بالتأثير في الرأي العام الدولي وصناعة (لوبي) ضاغط لصالح قضية الصحراء ولصالح الإرادة السياسية لحل هذا النزاع.