بعدما طفح بهم الكيل وخابت أمانيهم في انفراج الأزمة، خرج العشرات من سكان مدينة الفنيدق، مساء الجمعة، للاحتجاج تعبيرا عن استيائهم من التهميش الذي ترزح تحته المنطقة وظروف العيش الصعبة التي تلت إغلاق المعبر الحدودي "تاراخال" في وجه ممتهني التهريب المعيشي، وذلك تلبية لنداء لم تتبنّه أي جهة. المحتجون الذين اضطرتهم الأزمة إلى بيع أثاث منازلهم وممتلكاتهم، وفق تعبيرهم، جددوا مطالبتهم بتوفير بديل اقتصادي لممتهني التهريب المعيشي، ونادوا بالتدخل العاجل والآني للحكومة المغربية قصد إيجاد حلول كفيلة بضمان شروط العيش الكريم وتجاوز تداعيات جائحة كورونا وإغلاق معبر سبتة. واحتشد العشرات أمام مسجد سبعة رجال وسط المدينة الحدودية، بعدما كانا مقررا تظاهرهم في ساحة الرباط التي طوقتها قوات الأمن بالسياج الحديدي وعززت حضورها فيها تحسبا لأي احتكاك أو انفلات أمني. وأبى المتظاهرون إلا أن ينفذوا شكلهم الاحتجاجي دعما للمطالب التي رفعوها، بالنظر إلى كونها مطالب محض اجتماعية واقتصادية، غايتها إنقاذ المدينة من براثن الإهمال والتهميش، لا سيما أن ساكنة المدينة باتت تعيش تحت عتبة الفقر بعد إنهاء أنشطة التهريب التي شكلت مصدر عيش مئات الأسر، وفق ما أوردوه في تصريحات متطابقة. وأملا في رؤية مشاريع تنموية بالمنطقة، رفع المحتجون شعارات تطالب ببديل اقتصادي أو فتح المعبر الحدودي للمدينة السليبة في وجه المسترزقين منه الذين عانوا الويلات جراء إغلاقه قبل عام من الآن. فِي غضون ذلك، قال أحد أبناء المنطقة في تصريح لهسبريس إن "ساكنة المدينة تعيش الويلات منذ بداية الجائحة، في غياب أي تفاعل من قبل المسؤولين، وهو الشيء الذي أجج شرارة الاحتجاج بالنظر إلى حدة الأزمة الخانقة والركود العام الذي يخيم على المنطقة". وأضاف أن "الشباب ديال المدينة ضايعين"، يتأرجحون بين جحيم البطالة ولهيب الارتماء في مياه البحر رغبة في الوصول إلى الضفة الأخرى بعدما غابت فرص النجاة، محذرا من تكرار سيناريو حراك الريف. في سياق متصل، وصف مرصد الشمال لحقوق الإنسان أحداث الفنيدق ب"المؤسفة"، مؤكدا أن خروج العشرات من شباب المدينة في مظاهرات احتجاجية كان للتنديد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، بعدما سئموا من تردي الأوضاع، وفقدوا الأمل في أي تغيير لواقع يخرجهم من حالة الإحباط واليأس إلى بر الأمان والطمأنينة. وتساءل المرصد الحقوقي، في بلاغ له، عن أسباب التوقف الغامض وغير المعلن لمنطقة الأنشطة الاقتصادية الحرة بالفنيدق ومرتيل، مشيرا إلى أن مؤشرات الاحتقان المتصاعد كانت واضحة، خصوصا بين الشباب، لكن السلطات المركزية والمحلية وضعت أصابعها في آذانها، وزكتها نخب سياسية هشة وعاجزة وسلطات بيروقراطية وانتشار الريع والفساد. وذكر مرصد الشمال لحقوق الإنسان أن استمرار الاعتماد على المقاربة نفسها القائمة على الحل الأمني، لن يجدي نفعا أمام أصوات عشرات الآلاف من الشباب ممن فقدوا الأمل في التغيير، خصوصا وأنها تزامنت مع الذكرى 10 لثورات ما يسمى ب"الربيع العربي" التي انطلقت كرد فعل على الفساد وغياب الديمقراطية وهضم الحقوق والحريات. ودعا البلاغ ذاته إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين ووقف المتابعات وفتح باب الحوار مع المتظاهرين والاستماع إلى مطالبهم، منبها إلى خطورة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في ظل عجز وضبابية وغموض في طريقة تدبير السلطات لهذا الملف الشائك. من جهة أخرى، شهدت الوقفة الاحتجاجية، التي شارك فيها شباب ونساء وأطفال صغار، تراشقا بالحجارة أدى إلى إصابة عناصر أمنية بإصابات خفيفة جرى نقلهم على إثرها إلى المستشفى المحلي الحسن الثاني لتلقي العلاجات الضرورية، كما أسفرت عملية فض الاحتجاج عن إصابة بعض المحتجين بحالات إغماء جراء التدافع بينهم، علاوة على صدامات بين عناصر القوات العمومية ورجال الإعلام والصحافة. جدير بالذكر أن شخصيات عمومية وقعت نداء وجهته إلى الحكومة المغربية من أجل إنقاذ مدينة الفنيدق من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها إغلاق معبر مدينة سبتةالمحتلة والتداعيات الناتجة عن جائحة فيروس كورونا، داعية إلى ضرورة إنقاذ المدينة من "السكتة القلبية".