"إننا نعاني وكأننا لسنا بمغاربة" تأتي دوما هذه العبارة على لسان فئة كبيرة من المغاربة لتلخص بشكل جدي، حسرتهم بسبب ما تؤول إليه أوضاعهم الاجتماعية التي تزداد سوءا كل سنة، إذ لا يملكون أبسط شروط العيش الكريم، من تيار كهربائي أو مستوصف صحي أو حتى مدرسة عمومية قريبة من سكناهم يتعلم فيها أبناؤهم.كما غيرهم من أبناء المحظوظين. ولعل فصل الشتاء المنصرم، يبين بدرجة أكثر قوة، كيف أنهم يكونون مهمومون بجمع الحطب الكفيل بتدفئة عظامهم من برد قارس عشش في بنيتهم الجسمية وبالتالي تصير نحيلة بفعل نزلات البرد المتكررة التي ما إن تختفي حتى تظهر في لبوس جديد :حمى أو كحة... بعبارة أخرى، إن لامبالاة وعدم اهتمام المسؤولين بمشاكل فقراء المغرب واحباطاتهم النفسية تجعلهم يعانون من (مركب النقص) جراء علمهم بأن هناك شريحة مٌعتبرة من بني جلدتهم مزودون بأحدث التقنيات في مجال التدفئة والطهي.... أعتقد، أن إحساس هؤلاء المغاربة بعدم اهتمام القائمين على الشأن السياسي بأوضاعهم المقلقة، تتركهم وخصوصا، فئة الشباب منهم عرضة لكل الأخطار المفاجئة والمداهمة. ذلك، أن إحساسهم بالتذمر والإحباط الذي منشأه الأساسي هو تكرار نفس الحياة الرتيبة والمملة، لأنها تسير على خط روتيني واحد لا جديد فيه.، الأمر الذي يفرض عليهم الرضوخ إلى مٌواصفات هذا الواقع (المريض) مما لا شك فيه، أن وضعا مريضا بهاته المواصفات، سيدفع الشباب المغربي برمته، لامحالة، إلى كره ومقت كل الفاعلين في الميدان، والنتيجة المنتظرة، أن هؤلاء الأبناء البررة سيتحولون، للأسف الشديد، إلى أبناء عاقين لوطنهم وحتى لدينهم الحنيف. بمعنى، أنهم سيتحولون إلى شخصيات سيكوباتية، أي، عدوانية، وأعتقد أن هذا الحس العدائي آخذ في التصاعد يوما تلو الآخر وسيحط على قلوب الشباب، وعندما سيصل إلى ذروته سيطفو على السطح من خلال أربع قنوات رئيسية. أولاهما، هو أن الشباب المغربي الفتي، الذي انتشرت بينه 'عدوى العطالة“ عن العمل، سيبحث، بدون شك، عن كل المسلكيات، شرعية كانت وغير شرعية، لمغادرة هذا الوطن/الحبيب غير مبال بالعواقب الوخيمة التي ستطالُ جسمه، أي أنه لا يفترض انه سيغرق وسيصير وجبة سمينة لسمك القرش. والحق أن الارتفاع المهول في عدد المهاجرين الغير الشرعيين، ، يؤكد صحة هذا الطرح ثانيهما، وهذا ما أشار إليه التقرير الذي أصدره مركز الدراسات والأبحاث المعاصرة متناولا، الحالة الدينية بالمغرب2007/2008، إذ وقف بتفصيل على حجم الخطورة التي تشكلها الحملات التبشيرية بالديانة المسيحية في صفوف الشعب المغربي، الذي يسهل التأثير عليه، لأنه غير محصن ومؤطر دينيا، كل هذه المعطيات تؤكد أن الشباب المغربي، قد يغير جلبابه، في أي لحظة، كأن يعتنق مثلا المذهب الشيعي أو الدين المسيحي، لأنهما يستجيبان لميولهما ونزواتهما الضاغطة، على سبيل المثال لا الحصر، زواج 'المتعة'.هذا من جهة. أما من جهة أخرى، إن المروجين للديانة المسيحية أو المذهب الشيعي يستغلون قلة ذات اليد/الفقر والجهل للتغرير بهم وجرهم إلى خطهم الديني، ومثال ذلك ما حدث في "عين اللوح" ومناطق أخرى كما كشفت مجموعة من الدراسات العلمية والأكاديمية المعنية بالشأن التعليمي، توفر مقررات بعض المدارس التابعة للبعثات الأجنبية على إشارات إلى الديانة المسيحية،أيضا، ليس عنا ببعيد خبر إقدام السلطات المغربية على مصادرة الكتب الشيعية التي كانت موجودة بالمكتبات المغربية ثالثهما، وهذا هو الاحتمال الخطير الذي على السلطة المغربية أن تتوجس منه وأن تتعبأ له، في آن، وهو أن الشباب الذي نريده بانيا للحضارة المغربية سيتحول، عاجلا أم آجلا، إلى مخرب لها. وذلك، بانخراطهم في الجماعات التكفيرية أو ما بات يسمى بالسلفية الجهادية. نتيجة فهم معوج ومغلوط لروح الدين الإسلامي. في نظرنا، أن للخروج من هذه الأخطار التي تهدد هوية وقيم المغاربة، ينبغي أولا: خلق مناصب شغل كافية تتناسب ومؤهلات الشباب العلمية. إذ لا تستقيم المعادلة عندما ننتظر من الشباب المغربي ونطالبه بضرورة إبداع وإنتاج الأفكار والنظريات في الوقت الذي يعيش فراغا مهولا على جميع الأصعدة والمستويات. هناك فراغ أول يتجلى في (العطالة) عن العمل الذي يؤثر على استقرارهم النفسي و الاجتماعي، وفراغ آخر لا يقل أهمية عن الأول ألا وهو الفراغ الروحي، بمعنى، غياب لتلكم البواعث الإيمانية التي من شأنها أن تجعل الشباب المغربي يحافظ على طباعه الهادئة وشكله الوقور والمحترم، رغم أن سكين الفراغ ينخر أشلاءه شلوا شلوا. بكل تأكيد، من شأن هذه الخطوات المركزية أن تدفع الشباب المغربي إلى التصالح مع وطنه ودينه. وقتذاك، سينكبون على الاغتراف من الكتب اغترافا، وعليه، سيهرعون بشكل أوتوماتيكي وآني إلى الإبداع وتقديم بالتالي إجابات علمية ورصينة تساعد المسؤولين على إيجاد حلول ناجعة لتجاوز المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الملحة. ثانيا: إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومعها كل المهتمين بالشأن الديني في المغرب، مدعوون إلى تربية وتأهيل الشباب دينيا، بغية غرس قيم السلام والتفاؤل وحب الوطن التي يدعوا إليها الدين الإسلامي الحنيف. في الوقت الذي أصبح فيه الغزو الإعلامي، يستهدف منارة ونٌخبة هذا الوطن/الشباب، من خلال تمريره لجملة من الأخلاق والقيم الموصوفة بالشاذة والهابطة كالفردانية والإباحية وغيرها التي تؤذيهم شر إذاية. بكلمة، إن أعداء الدين الإسلامي، جد واعون، بمركزية الشباب في بناء وتشييد حضارة ما، في أي أمة، من هذا المنطلق، تجدهم يخططون، صباح مساء، للتشكيك في مصادر الدين الأساسية القرآن والسنة،. رهانهم الرئيس هو محاولة سلخ الإنسان المسلم عن قيمه المثلى، وأخلاقه الفاضلة، وهويته الأصيلة، ليسهل في نهاية المطاف، الهيمنة عليه وتدجينه، بعبارة أوضح، هناك شبكات/جمعيات تشتغل في السر، وأخرى تشتغل في العلن، لكن، تحت مسميات مبطنة، ديدنهما واحد يتجلى في خدمة أجندات الخصوم الحقيقيون للمغرب، ولهذا ترصد الأموال الطائلة وتجود بها بسخاء على جمعيات المجتمع المدني الموالية لطروحاتهم وأهدافهم مستغلة كل الإمكانيات المتاحة بٌغية صناعة عقول الشباب المغربي وصياغتها وفق مقاساتها المدروسة بذكاء خارق والمتمثلة في خلق شباب مؤمن بمرجعياتها الثقافية والدينية والهوياتية، بحيث في الأخير، نجد شباب لا دور مركزي له في المجتمع، سوى الدفاع باستماتة عن قيم شاذة وممجوجة، والأمثلة عديدة في هذا المضمار، مثلا"حركة فيمن" التي تدعو إلى التعري كشكل احتجاجي، و"حركة كيف كيف" التي تدافع عن المثلية الجنسية، وحركة مالي، التي تنتصر للإفطار العلني في رمضان، وحركات شبابية أخرى كثيرة، تضرب بقيم الدين الإسلامي في العمق، وتنهج سلوكات مستهجنة بعيدة كل البعد عن تقاليد المغاربة وطقوسهم المتعددة، التي حفظت لهذا الوطن، عبر السنين الطويلة، خصوصيته الثقافية.