إن كل بعثة أممية (المينورسو) تحدد مهامها بحسب السياق الذي وردت فيه وكذا بحسب طبيعة النزاع الدولي، ولذلك فإن تحديد مهام كل بعثة أممية تعود حصريا لاختصاص مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يقرها ويعدلها٬ أو ينهيها، وفق النهج التشاوري مع الاطراف لاسيما في الحالات المدرجة تحت البند السادس من قانون الأممالمتحدة. فعلى ضوء اتفاق 1991ِ تم تأسيس بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء مرافقا للاتفاق على فترة انتقالية يكون للممثل الخاص للأمين العام خلالها المسؤولية المنفردة والخالصة على كل المسائل المتعلقة بالاستفتاء يختار فيه الصحراويون بين الاستقلال عن المغرب أو الاندماج فيه. ساعد الممثل الخاص للأمم المتحدة رئيس البعثة في مهامه مجموعة متكاملة من أفراد الأممالمتحدة من المدنيين والعسكريين وأفراد الشرطة، يتراوح القوام الكامل، بين العنصر العسكري، المتألف من حوالي 1700 فرد ووحدة الأمن حوالي 300 ضابط شرطة. يقوم المفوض السامي لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة بتنفيذ عملية برنامج إعادة التوطين للناخبين المؤهلين من والذين يعيشون خارج الإقليم. وكان من المقرر أن تبدأ الفترة الانتقالية بسريان وقف إطلاق النار وتنتهي بإعلان نتائج الاستفتاء. إلا أنه ولمشكلات تقنية لم يكن ممكنا المضي قدما وفقا للجدول الزمني الأصلي في تنفيذ الاستفتاء في موعده يناير 1992. وبناء عليه فإن وظيفة الممثل الخاص للأمين العام الاشراف على القضايا التقنية، فإن الأممالمتحدة أحدثت سنة 1997م منصب المبعوث الشخصي بوظيفة سياسية تبحث سبل إيجاد حل سياسي للنزاع في الصحراء، وذلك بعدما تأكد عمليا أن حل النزاع بناء على تنظيم الاستفتاء بات في باب المستحيل. ومنه فإن الفرق بين مهمة الممثل الخاص ومهمة المبعوث الشخصي، هي أن للأول دور تقني هدفه الأساسي متابعة تدابير تنظيم الاستفثاء وكذا الحرص على الالتزام بشروط وقف اطلاق النار لسنة 1991، ومنع الاخلال به، بينما الثانية لها دور سياسي يروم مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة في إيجاد حل سياسي للنزاع في الصحراء. وفقا لذلك فإن بعثة المينورسو كلفت عبر ممثلها الخاص للأمين العام ببحث آليات تطبيق الاستفتاء، قبل أن يتأكد أنه رهان خاسر لاعتبارات تقنية ولوجستيكية فضلا عن الاشكالات السياسية، ومنها مشكل الطعون في لوائح المنتخبين. ومنذ ذلك الحين فإن الأممالمتحدة استوعبت أهمية الفصل بين الشق السياسي والشق التقني اللوجستيكي للمنينورسو، فكان أن عملت على تحديد مهمتي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومهمة مبعوثه الشخصي إلى المنطقة. وعليه فإذا كانت المينورسو تسمح بالإبقاء على اتفاق وقف اطلاق النار قائما، فإنها هي بذلك تسمح للأطراف للوصول إلى حل سياسي من خلال المفاوضات، بعدما تأكد عمليا استحالة تطبيق الاستفثاء لإعتبارات تقنية وأخرى ساسية تتصل بالإتفاق على لوائح تحديد الهوية. وكان إريك جانسن، الممثل الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ورئيس بعثة «مينورسو» ما بين عامي 1993 و1998، قد كشف في كتابه «الصحراء الغربية: تشريح مأزق» استحالة تطبيق مخطط التسوية، لصعوبات تقنية جمة اعترضت مسلسل تحديد هوية الأشخاص الذين يحق لهم المشاركة في استفتاء الصحراء بسبب طعون البوليساريو، ولذلك تأكد بأن المضي في ذلك كان شيئا مستحيلا. وإذ تحاول الجزائر البوليساريو ومنظمات دولية مغالطة الرأي العام الدولي، فإنها تقوم بابتداع خطاب مزدوج ففي الوقت الذي تدفع فيه بالمينورسو إلى تنفيذ خطة سياسية للأمين العام في الصحراء ليست في جوهر صلاحياتها، ولذلك تلتف على ذلك بخلطة الورقة الحقوقية وبالعملية السياسية لحل النزاع في الصحراء. يبدو أن بعثة المينورسو يراد لها أمريكيا أن تحيد عن مهمتها الأساسية، حين تدفع في اتجاه توسيع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان وفي ذلك خروج عن الحياد المطلوب لصالح جهة الجزائر والبوليساريو. ذلك أن الشق الحقوقي يرتبط بجدل سياسي في نزاع الصحراء، ولذلك تسعى الجزائر والبوليساريو تقويض مهمتها الرئيسية في إحلال السلام في الصحراء، وجعلها مؤسسة غير حيادية، مادمت بحسبيهما لم تستطع تنفيذ مهمة تنظيم خطة الاستفتاء. وإذ يتجدد الحديث في الدوائر الأممية عن توسيع صلاحيات بعثة المينورسو، فإن ذلك يأتي بناء على نمط باقي البعثات التي ارتبطت بفرض الأمن وقمع الاعتداءات العسكرية التي لا تحترم بنود الأممالمتحدة، ولأن هذه الحالات العسكرية تعرف العديد من الانتهاكات وعمليات التقتيل والإبادة فإن البعثات الأممية كما هو الحال بالنسبة لبعثة الأممالمتحدة إلى الكونغو وإلى جنوب السودان كانت تتكلف عمليات مراقبة تطبيق القانون الدولي الإنساني وحماية الناس من الانتهاكات الحقوقي التي تطال حقهم في العيش والحياة، إلا أن إحداث بعثة "المينورسو" لم تكن ضمن هذا السياق، وإنما من أجل تنظيم الاستفتاء حتى أنها في تقرير الحالة حول الصحراء لسنة 1993 تسميها التقارير الأممية ببعثة تنظيم الاستفتاء بالصحراء. ٭محلل سياسي متخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي