ظاهرة "مقلقة" بدأت تتكرس في الحواضر الكبرى، خاصة الدارالبيضاء التي تعد الشريان الاقتصادي للبلاد، بعدما اختارت فئات عريضة امتهان التسول في ظل التداعيات الاجتماعية لجائحة "كورونا"؛ الأمر الذي بات يثير "استياء" المارة بسبب "الإزعاج" الذي يُحدثه هؤلاء. وأمام الأعداد "المخيفة" للمتسولين في شوارع القطب المالي للمملكة، صار كثيرون يتفادون الجلوس في المقاهي المتمركزة بوسط المدينة، لأنها تستقطب جميع أصناف "الشحاذين" والمشردين الذين يتعبون الزبائن بطلباتهم المتكررة كل مرة. ولا يفارق المتسولون أرصفة المدينة، خاصة في أحيائها الراقية، حيث يستهدفون النساء على وجه التحديد، اللائي يضطررن إلى "اتقاء شرهم" بإعطائهم بعض الدريهمات لتفادي ملاحقتهن والتحرش بهنّ، لا سيما خلال الفترة المسائية أو الليلية. وقد دفعت الوضعية الراهنة التي تعرفها أحياء وشوارع الدارالبيضاء منذ أشهر، الفعاليات المدنية إلى المطالبة بتدخل مصالح وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة من أجل إيجاد حلول عملية للمشكلة التي باتت تؤرق سكان العاصمة الاقتصادية. وتداول العشرات من رواد مواقع التواصل الاجتماعي المشكلة الواقعة بالمدينة خلال الأيام الأخيرة، منبهين إلى أن التسول تحول إلى مطية للسرقة، حيث يصطدم الشخص بمتسول يطلب منه مساعدات مالية مستعجلة، لكن بمجرد إخراج محفظته من جيبه، يتم خطفها بسرعة من طرف المتسول تاركا إياه في دهشة من أمره. ولم تعد "مهنة" التسول تقتصر على الأشخاص المسنين المحتاجين إلى كسب المال، أو الأطفال الصغار الذين يتم استئجارهم من طرف النساء، بل ولجها الشباب أيضا، بعدما صاروا يطلبون بدورهم "الصدقة" لسد رمقهم من الفقر والجوع، بدعوى البطالة التي "تنخر" المجتمع. وسبق أن دقّت جمعيات عدة ناقوس الخطر بشأن تفشي التسول داخل المجتمع المغربي، بفعل بروز فئة من المتسولين المحترفين الذين يمارسون هذه "المهنة" بحنكة، فضلا عن استغلال الأطفال الذين يفترض أن يكونوا في المدرسة، إلى جانب "الاعتداء اللفظي" على النساء في حال رفضهن "التصدق". وتعاقب مجموعة القانون الجنائي على ممارسة التسول في الشارع العام بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وسنة بالنسبة لمستغلي الأطفال في هذه الظاهرة، لكن المسؤولين عن تدبير المدن لا يقيمون دعاوى في هذا الشأن، فيما يتزايد أعداد المتسولين، سواء تعلق الأمر بالمغاربة أو السوريين أو الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء. ووضعت تقارير غير رسمية المملكة المغربية في صدارة الدول العربية في ما يتعلق بعدد المتسولين، ب 195 ألف متسول، بينما جاءت مصر ثانية ب41 ألف متسول، ثم الجزائر ب11 ألف متسول، ما يطرح الكثير من التساؤلات بخصوص نجاعة البرامج الاجتماعية للحكومات المتعاقبة على البلاد.