أفرزت فترت الربيع العربي أو ما سمي بالحراك العربي، العديد من المقولات والعبارات الشهير للحكام العرب، لدرجة أن كل حاكم عربي اشتهر بمقولة، فاشتهر مثلا: علي صالح بمقولة" فاتكم القطار"، بينما اشتهر زين العابدين بقولة "أيوا فهمتكم " وكانت أبرز تلك المقلولات مقولة القذافي: "من أنتم؟". نحن أيضا في المغرب لم نستثنى من هذه الموضة، فقد اشتهر رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بعابرة "واش فهمتوني ولالا"، وبين ما يقع خلف هذه العبارة وما وراء عبارة من أنتم؟، يكمن السر وراء ما سمي "بالاستثناء المغربي" في الربيع العربي، فما هو هذا الفرق إذن ؟ إن العبارة "من أنتم"؟ أو العبارة "فاتكم القطار"،وكذلك العبارة "أيوا فهمتكم"، تدل على أن هؤلاء الحكام إنما فوجئوا بما لم يكونوا يتوقعونه من شعوبهم، ثورات جرفت بحكم عشرات السنين، وعبرت على أن هذه الشعوب فهمت الواقع فأرادت تغيره وكان لها ما أرادت وصدقت قول الشاعر: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر". فشكلت هذه الشعوب من نفسها المعادلة الصعبة التي حارت السلطة أمام تحليلها أو اختزالها، ولم يستطيعوا حتى فهمها. ولهذا قال أغبى هؤلاء الحكام وهو في حالة هستيرية، نتيجة الصدمة وصعوبة فهم المعادلة الماثلة أمامه مخاطبا شعبه: "من أنتم؟... من أنتم.." نعم من حقه أن يقولها، أنه لم يتلقى دروسا في فهم شعوب تريد الحياة. فالسؤال هنا من أنتم؟ لم يكن في الحقيقة استخفافا أو سؤال تحقير بقدر ما هو سؤال حقيقي نابع من العجز عن عدم القدرة على فهم ما يحدث. فقد فهم هذا الشعب ما يحدث وفهم أن سبب كل الويل وكل المصائب من هذا المنبع، فأراد ما أراد، وكان له ما كان. أما نحن عندنا في المغرب، أي نعم نحن الذين نقول عن أنفسنا أننا أذكى شعب في العالم !!، نعم نحن أجمل بلد في العالم !!، نحن من نصف كل من حولنا بمن فيهم الشعب الليبي وباقي الشعوب الأخرى بأنها شعوب غبية !!، و أننا نحن فقط من نفهم في كل شيء، إلا أنه وللأسف لا زلنا لم نستطع بعد أن نفهم ما يدور حولنا، لم نفهم بعد أين يكمن داؤنا، أين تكمن مصيبتنا، ولذلك اشتهرنا بين باقي الدول بعبارة "واش فهمتوني ولا لا"؟ نعم سيدي رئيس الحكومة نحن شعب لا نفهم، وإن فهمنا نهم أكثر من اللازم، ولكن سيدي الأحسن لكم ألا نفهم لأنه في حال فهمنها واقعنا وحالنا فإن حالكم لن تحسدون عليه، فلو فهم سيكون ذلك مصدر الويل لكم، سكون عليكم أنتم أن تفهموا الشعب وهذا ما لا تتقنونه لا أنتم ولا من سلقكم. فلا تخاطبونا سيدي الرئيس، خطابات الأزمة، بل قلوا ما كان يقوله سابقوكم: أن العام بخير وأن كل شيء على ما يرام، وبحثوا لكم عن شعراء يقرضون الشعر على غرار ما يقول مثل هذا البيت العجيب والغريب "لن تجد كالمغرب الفذ أرضا ولو جبت الدنيا طولا وعرضا" وابحثوا لنا عن فنانين يصورون المغرب كأنه أجمل بلد في العالم، فنحن شعب لا نفهم ولا نريد أن نفهم أبدا بل لا نعترف حتى بكوننا لا نفهم ولا نعرف، ولهذا فل يجهل علينا الجاهلون حتى نزاد جهلا فوق جهل الجاهلين. وهذا وللأسف هو ما يشكل الاستثناء المغربي في الربيع العربي جهل مركب بل جهل فوق جهل الجاهلين.